كلمة رئيسة التحرير
سيمفونية لمستقبل أفضل
باهتمام كبير، استمع حضور القمة العالمية للحكومات في يومها الثاني، أمس، إلى كلمة صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة رأس الخيمة، في جلسة بعنوان: «رأس الخيمة بين الماضي والحاضر وريادة المستقبل»، سلّط خلالها سموه الضوء على المسيرة التنموية الشاملة في الإمارة، وتجربتها الناجحة، وأهم عوامل تميزها، وفق منظومة وتوجهات دولة الإمارات، ثم أعقب الجلسة حوار مع سموه، أجاب فيه عن عدد من الأسئلة بشفافية ووضوح.
ومع أن حديث سموه عن رأس الخيمة اتسم بالواقعية، وبلغة اقتصادية واضحة ومباشرة، إلا أن سموه كشف عن جانب آخر مهم في نهضة رأس الخيمة، وفي شخصية سموه نفسه كذلك، إذ تحدث بلغة تفيض حكمة وسعة ثقافة وتواضعاً في آن، لغة تكشف مدى ثراء شخصية سموه، فلا غرابة إذن أن يكون وراء نهضة رأس الخيمة، كما هي نهضة الإمارات كلها بالمناسبة، فلسفة عميقة تضع الإنسان في عين أهداف التنمية، ليس فقط من خلال تأمين احتياجاته المعيشية، على أهمية هذا الجانب، بل من خلال الاهتمام بالجوانب الثقافية والروحية والمهارات الحياتية للشخصية الإماراتية، وبطريقة تؤهل المواطن ليكون إنساناً منتجاً، معتمداً على نفسه، قادراً على حمل مسؤولياته، ولهذا ذكر سموه في معرض حديث عن ركائز رؤية رأس الخيمة عبارة: «مواطن قادر على صنع مستقبله».
جانب آخر مهم في حديث سموه، وهو الحديث عن العائلة الواحدة المتلاحمة المتعاونة، في معرض حديثه عن رأس الخيمة وأسباب نهضتها، فأراد بذلك التأكيد على أن ازدهار إمارة رأس الخيمة هو امتداد لازدهار ونهضة الإمارات بأكملها، بل إن سموه قالها صراحة: «ما نحن فيه اليوم لم يكن ليتحقق لولا روح التعاون والتلاحم في بلدنا الحبيب. الكثير من منجزاتنا هو حصيلة جهود مشتركة لحكام الإمارات»، قبل أن يتابع بكلمات لامست قلوب الحاضرين: «أقول لأخي محمد بن زايد ولأخي محمد بن راشد: أنتم خير معين لنا في هذه المسيرة.. تعلمت منكم الكثير، ومنكم استمد قوتي».
سموه أعاد نهضة رأس الخيمة، وبكل ثقة، إلى سببين: البيئة الحاضنة من خلال نموذج الإمارات الحريصة على الاستثمار في الإنسان، والرؤية التكاملية للاتحاد، التي تجمع الإمارات السبع تحت مظلة واحدة وهدف واحد، فيما السبب الثاني هو القيادة الرشيدة، ولهذا أكد سموه أن ثراء الأمم أو فقرها إنما هو انعكاس لكفاءة إدارتها وليس بمقدار ثرواتها.
الجانب الثالث في كلمة سموه كان حول رأس الخيمة بالحقائق والأرقام، إذ أثبت اقتصاد الإمارة مرونة وحيوية وقدرة على النمو بشكل لافت، حيث شهد القطاع السياحي في العام الماضي أعلى عدد للزوّار في تاريخ الإمارة، فيما نمت التعاملات العقارية بمقدار الضعف، وزادت الرخص التجارية 40% في خمس سنوات، وتضاعف نشاط ميناء صقر أكثر من 20 مرة خلال الـ20 عاماً الماضية.
كل ذلك كان نتاج الرؤية القائمة على تنويع الاقتصاد، وتحديث البنية التحتية، وتحسين جودة حياة المواطنين، في الإمارة ذات التاريخ العريق والإرث الحضاري العابر للأزمان، إلى جانب التنوع في الطبيعة من سهول وجبال وشواطئ وكثبان رملية.
إنها قصة الاستثمار في التنمية البشرية لتحقيق التنمية الاقتصادية، قصة إمارة كبيرة بطموحاتها وعزيمة أبنائها وبناتها، ليكون الهدف اليوم، وكما قال سموه: خلق حكومة متجانسة، تحمل نفس الروح، نفس الطموحات، بأيادٍ وعقول مختلفة، لكنها تعزف كفرقة موسيقية واحدة، تعزف سيمفونية لمستقبل أفضل.
شكراً لمنظمي القمة العالمية للحكومات، وهم يدرجون حديث سموه في هذا الحدث الدولي المهم، ليقدموا للعالم جانباً مضيئاً من جوانب نهضتنا، وقائداً حكيماً من قادة دولتنا.
@MunaBusamra
Muna.busamra@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.