كلمة رئيسة التحرير
فرسان الشهامة يبنون جسور الخير
ربما لا نضيف جديداً عندما نقول إن الخير يصادف أهله في دولة الإمارات، فالأيادي البيضاء للإمارات ممتدة إلى جميع أصقاع العالم، منذ قيام الدولة حتى يومنا هذا دون تفريق بين الأجناس أو الأديان، لغرض إنساني محض ودون منة. ومنذ اليوم الأول لفاجعة الزلزال المدمر في سورية وتركيا كانت الإمارات من أوائل الدول التي مدت يد العون إلى أشقائها، وتجلت معاني التضامن والأخوة الإنسانية بكل صورها، تماشياً مع نهج القيادة الرشيدة، ومنهاج الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه.
فمنذ السادس من فبراير، يوم وقوع الزلزال المدمر، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بتوجيه قيادة العمليات المشتركة ببدء عملية «الفارس الشهم 2» لدعم الشعبين السوري والتركي، وفي اليوم نفسه أمر سموه بأن يتم إنشاء مستشفى ميداني، وإرسال فريقي إنقاذ وإمدادات عاجلة إلى المتضررين من الزلزال في تركيا وسورية، وفي اليوم التالي أمر سموه بتخصيص 100 مليون دولار لإغاثة المتضررين من الزلزال في سورية وتركيا، وبعدها بأيام أمر سموه بتقديم مبلغ إضافي بقيمة 50 مليون دولار لإغاثة المتضررين من الزلزال في سورية. كما وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتسيير مساعدات إنسانية عاجلة للشعب السوري الشقيق بقيمة 50 مليون درهم، من خلال «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية».
ولا يفوتنا هنا الإشارة إلى حملة «جسور الخير» لدعم المتضررين جراء الزلزال، التي أطلقتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بالتنسيق مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي ووزارة تنمية المجتمع، بهدف تجميع وتعبئة حزم الإغاثة للمتضررين من الزلزال من خلال المشاركة المجتمعية، كما أن عملية «الفارس الشهم 2» سيرت خلال أسبوعين فقط 106 رحلات حملت 3014 طناً من المواد الغذائية والطبية وخيم الإيواء، وأرسلت الإمارات فريقين من البحث والإنقاذ قوامهما 134 فرداً، بالإضافة إلى آليات مجهزة بالمعدات الخاصة بإزالة الأنقاض، وسطّر الفريقان قصص نجاح كبيرة في إنقاذ عدد من الأشخاص وانتشالهم أحياء من تحت الأنقاض بكل حرفية وإتقان.
وبشهادة مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، فإن عطاء دولة الإمارات العربية المتحدة الإنساني جاء في توقيت مهم وحساس لإنقاذ حياة الكثيرين من المتضررين والأسر المنكوبة جراء الزلزال المدمر، مؤكداً أن مساعدات دولة الإمارات السخية أسهمت في تقديم المعونات العاجلة للمتضررين.
ومن الجانب الإغاثي إلى الجانب الإنساني الذي لامس كل القلوب الحزينة على الضحايا، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بإقامة صلاة الغائب على أرواح الضحايا بعد صلاة الجمعة، التي أعقبت الزلزالين مباشرة، والدعاء للمتضررين بتفريج كربهم، وللموتى بالغفران.
وإذا كان سموه قد قام بما يلزم من إجراءات على صعيد تقديم المساعدات الضرورية لضحايا الزلزال، فلم يفته شخصياً الاتصال بالرئيسين السوري والتركي، والاطمئنان على سير الأوضاع لديهما، والتأكيد على استعداد الإمارات لتقديم كل ما يلزم من عون، كما أنه أوفد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، لكلا البلدين للوقوف على احتياجاتهما، وتأكيد تضامن الإمارات معهما في محنتهما. وإذا كانت القيادة الرشيدة تعتمد مبدأ سياسة حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وتؤمن بالسعي إلى رفاهية الشعوب أينما كانوا، فهي تدرك أن العمل الإنساني على الدرجة نفسها من الأهمية، ويكرس المفاهيم الثابتة والمبادئ الراسخة لقيادات الدولة الرشيدة.
لقد سار جيل الأبناء على منهج الأب المؤسس نفسه، وأصبحت الإمارات مثالاً يحتذى عبر العالم في العمل الخيري، وتحوّلت إلى مدرسة تتعلم منها الأجيال المتعاقبة حب الخير والسعي إليه أينما كان، وإغاثة الملهوف، وإعانة المحتاج دون انتظار مقابل. إذ إنها تعطي بلا حساب، ومن دون طلب.
@MunaBusamra
Muna.busamra@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.