كيفية تطوير الذكاء العاطفي
استكمالاً للحديث عن أهمية الذكاء العاطفي، لابد من وجود وعي كبير لدى الإنسان، وإلمام كامل بنقاط قوته، وفرص التحسين لديه، ولكن دائماً ما تكون هناك معوقات تحول بين الإنسان ومعرفته الحقيقية لذاته، وفي دراسة أجراها باحثون في جامعة هارفارد، وجدت أن 95% من المشاركين منحوا أنفسهم درجات عالية في الوعي الذاتي، ومع ذلك وباستخدام المزيد من المقاييس التجريبية للوعي الذاتي، وسؤال المحيطين بالمبحوثين، وجدت الدراسة أن 10-15% فقط من المجموعة كانوا مدركين ذواتهم حقاً. وتشير تلك الفجوة الكبيرة في إدراك الذات إلى أن معظمنا ليسوا مدركين تماماً لذواتهم، والأسوأ من ذلك أن المديرين والرؤساء التنفيذيين قد يكونون الأقل وعياً بذاتهم على الإطلاق. وكتب يوريش في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو، أنه كلما زادت القوة التي يتمتع بها شخص ما، زادت احتمالية ثقته المفرطة بمدى معرفته بنفسه. إن تقبل النقد والتغذية الراجعة وتلقي تعليقات صادقة وبناءة هي مفتاح الوعي الذاتي، وبالتالي من المهم الانفتاح لسماع رأي الآخرين.
إذن، من المهم أن نكون منفتحين لتلقي النقد أو التغذية الراجعة بصدر رحب، بل أن نطلبها ونسعى إليها، خاصة من الأشخاص الموضوعين الذين نثق برأيهم، كما يجب أن يكون لدى كل منا موجه «mentor»، حيث يساعد ذلك بدرجة كبيرة في فهمنا لأنفسنا وفهمنا ما يدور حولنا، كما أن هناك الكثير من المصادر الموثوقة والتي يمكن الاستعانة بها للمساعدة على فهمنا لذاتنا، سواء باستخدام المقاييس النفسية أو بالقراءة أو بمشاهدة المواد المصورة على اليوتيوب أو بوابة TED، كما توجد دورات رائعة ومعظمها مجاني على موقعي كورسيرا ويوديماي.
وتلخص أبحاث هارفارد ثلاث خطوات نحو تحسين الذكاء العاطفي، حيث إن تطوير الذكاء العاطفي عملية مستمرة، وهي رحلة تختلف من شخص لآخر، ويقترح البحث أولاً التعرف إلى مشاعرك وتسميتها، ما المشاعر التي تشعر بها الآن؟ كيف يمكن وصفها؟ عضب، قلق، ترقب؟ عندما تكون في موقف عصيب، ما المشاعر التي تنشأ عادة؟ كيف تريد الرد في هذه المواقف؟ هل يمكنك التوقف للتفكر والتدبر وإعادة النظر في ردك؟ إن قضاء بعض الوقت في تسمية مشاعرك وإدراكها وتخفيف رد فعلك هي خطوة أساسية نحو الذكاء العاطفي. ثانياً: اطلب التغذية الراجعة، قم بمراجعة تصورك الذاتي عن طريق سؤال مديرك أو الزملاء أو الأصدقاء أو العائلة عن كيفية تقييمهم لذكائك العاطفي. على سبيل المثال، اسألهم عن كيفية استجابتك للمواقف الصعبة، ومدى قابليتك للتكيف أو التعاطف، وكيف تتعامل مع الصراع بشكل جيد، قد لا يكون تقييمهم هو ما تريد سماعه، ولكنه غالباً هو ما تحتاج إلى سماعه. ثالثاً قراءة الأدب، حيث تظهر الدراسات أن قراءة الأدب وبخاصة قراءة القصص والروايات العالمية والسير الذاتية للشخصيات المؤثرة يمكن أن تحسن مستوى التعلم الفردي، كما تساعدنا قراءة القصص من وجهات نظر الآخرين على اكتساب نظرة ثاقبة لأفكارهم ودوافعهم وأفعالهم، وقد تساعد على تعزيز الوعي الاجتماعي.
تطوير الذكاء العاطفي عملية مستمرة، وهي رحلة تختلف من شخص لآخر.
Garad@alaagarad.com
@Alaa_Garad
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.