تمثيلات المرأة الأم في الأدب

كانت الأمهات محور العديد من الأعمال الخيالية عبر التاريخ الأدبي. ... نُشرت أعداد لا تحصى من الصفحات في محاولة لفهمهن، وكيفية تعاملهن بشكل مختلف مع واقع مجتمعاتهن.

في رواية Sophie’s Choice (اختيار صوفي، 1979 ) للأميركي ويليام ستيرون، يظهر مثال مشهور للعلاقة بين الأم والطفل، يروي قصة البطلة البولندية صوفي، التي فرض عليها الجندي الألماني النازي أيام الحرب العالمية الثانية، تحت التهديد بالقتل، أن تتخذ قراراً بشأن أي من طفليها تختار إنقاذه بالعبور معها للأمان، وأيهما تتخلى عنه.

وفي الأدب الكلاسيكي، نجد عدداً قليلاً من الأمهات الصالحات، خلق شكسبير عدداً قليلاً من الأمهات البديلات اللائي يدعمن ويحمين البطلة، مثل المربية في روميو وجولييت، لكن الأمهات الفعليات غائبات ومسيطرات، وحتى فظيعات بشكل مذهل، مثل جيرترود في هاملت أو الليدي ماكبث، اللواتي قمن بارتكاب جريمة قتل.

في الفترات الفيكتورية والحديثة، تواجه الأمهات القضايا المظلمة لمجتمع صناعي، حيث يحطم الفقر والعولمة والحرب الافتراضات القديمة حول العلاقات والأبوة والأمومة. ... آنا كارنينا في رواية
تولستوي تتبع حبيبها وتتخلى عن أطفالها. إيما بوفاري في رواية فلوبير لا تجد أي متعة في ابنتها، وفي النهاية تبتلع الزرنيخ وتترك ابنتها للعمل في مطحنة. تتزوج «Undine Spragg» لإديث وارتون في كتابها «عادات البلد» وتطلق بسهولة شديدة وبلا قلب، في سعيها من أجل الحركة للإرتقاء الاجتماعي، لدرجة أنها تتجاهل أطفالها وتتخلى عنهم.

على النقيض من ذلك، هناك روايات تقدم الأمهات كمثال على الحب  الصادق والصبر والحماية يقمن برعاية  الابناء والبنات رعاية نموذجية و بعطاء لاحدود له و بصفات بطولية مبهرة. 

في كتابها المنشور سنة 2010، تقدم داليا عبودي دراسة للعلاقة بين الأم وابنتها باعتبارها العلاقة الأنثوية الأكثر جوهرية والأكثر حميمية وحجر الزاوية في حياة الأسرة العربية. بالاعتماد على أعمال السيرة الذاتية وشبه الذاتية لكاتبات من جميع أنحاء العالم العربي، تقدم الدراسة وصفاً مباشراً لكيفية رؤية المرأة العربية لهذه الرابطة الأساسية وتجربتها. تستخدم المؤلفة الكتابات المبكرة والمعاصرة للمرأة العربية لإلقاء الضوء على الطبيعة التقليدية والمتطورة لعلاقات الأم والابنة في العائلات العربية، وكيف تعكس هذه الديناميكيات الأسرية الحياة العربية الحديثة وتأثيرها. تزيل الروايات المقنعة الغموض عن مؤسسات الأسرة والأمومة، وتظهر قدرة الأمهات والبنات على تغيير الأسرة الأبوية، وبالتالي نسيج المجتمع العربي. عمل رائد يملأ الفراغ في الدراسات العابرة للثقافات.

الأمهات الأدبيات، سواء كن جيدات أو سيئات، شخصيات لا تُنسى: تصبح السيئات منهن حكايات تحذيرية؛وتصبح النماذج الجيدة رمزًا للحب الذي نتوق إليه الأمهات الأدبيات، سواء كانت جيدة أو سيئة،
شخصيات لا تُنسى. تصبح السيئات حكايات تحذيرية من الأعماق التي يمكن للإنسان أن يغرق فيها ؛ وتصبح الأشياء الجيدة رمزًا للحب الذي نتوق إليه

باحث زائر في جامعة هارفارد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.