كلمة رئيسة التحرير
البشائر المبكرة لنجاح «وقف المليار وجبة»
لم يمض سوى أسبوع على حملة «وقف المليار وجبة» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بالتزامن مع شهر رمضان الكريم، لتدشين أكبر صندوق وقفي لإطعام الطعام بشكل مستدام، حتى جاءت بشائر النجاح بأسرع مما توقعه الكثيرون، فالمساهمات في الحملة بلغت 247 مليون درهم وهو مبلغ كبير وربما يكون قياسياً في تاريخ الحملات المماثلة.
لاشك أن هذا المبلغ الكبير الذي جُمع في الأسبوع الأول يعكس بجلاء سخاء مجتمع الإمارات بكل فئاته وشرائحه ومكوناته، ورغبته في ترك بصمة واضحة في مسيرة العمل الخيري والإنساني على مستوى العالم.
فالحصيلة التي أشرنا إليها جاءت من تبرعات 13220 متبرعاً من كبار المساهمين والأفراد والشركات ومؤسسات القطاعين الحكومي والخاص، الأمر الذي يؤكد قيم العطاء الراسخة في الإمارات، وحب المجتمع ورغبته في الاستجابة لدعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، للمشاركة في تدشين أكبر صندوق وقفي لإطعام الطعام بشكل مستدام وإغاثة الملهوفين والمحتاجين حول العالم، وما أكثرهم.
ولا يخفى على المطلعين والمشتغلين بمواضيع الجوع في العالم أن المبادرة جاءت في وقتها، فثمة شرائح واسعة باتت مرشحة لمواجهة ظروف بالغة القسوة، وستكون في حالة من العوز الشديد للغذاء. فبرنامج الأغذية العالمي أكد منذ أيام أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على سبيل المثال تواجه أزمة أمن غذائي متفاقمة مع حلول شهر رمضان المبارك بسبب ارتفاع معدلات تضخم أسعار الغذاء وانهيار العملات المحلية أمام الدولار الأميركي، ما يؤثر في ملايين الأشخاص في جميع أنحاء المنطقة، ولاسيما أولئك الذين يعيشون في البلدان التي تواجه بالفعل الصراع وعدم الاستقرار. بل إن التضخم في العديد من الدول وصل إلى مستويات خطيرة في ظل عجز خانق في الموازنات والمستويات العالية من الدين العام.
من هنا يمكن فهم النهج الاستباقي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ورؤيته بعيدة المدى لاستدامة العطاء في هذا الباب، وجعله مشروعاً لا يقف عند مرحلة زمنية معينة ولا حدود جغرافية أيضاً، وتترجم الإحساس العالي بالمسؤولية الإنسانية تجاه المساهمة في الجهود الدولية للقضاء على الفقر في أي مكان من العالم، واستدامة الخير للفئات الأقل حظاً.
من يعرف مجتمع الإمارات لا يستغرب هذا الحماس للمشاركة في هذه الحملة النبيلة الأهداف والمضامين، فالعطاء في الإمارات نهج أرساه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وعززه قادة دولتنا الذين نهلوا من إنسانية زايد وعطائه وحبه للخير، وصار جزءاً أصيلاً من قيم وثقافة أهل الإمارات.
الرحلة لم تنتهِ بعد، فقطار الحملة بدأ لكن محطاتها ممتدة، وخيرها المستدام سيعم الكثير من بلدان العالم، لذلك ما من شك أن الحماس والتسابق للتبرع والمشاركة فيها سيزدادان زخماً في الأيام المقبلة، وستقدم المؤسسات والشركات والأفراد بسخاء ما يستطيعون حتى تتجاوز الحملة أهدافها وتذهب بالعطاء الإنساني إلى أبعد مدى.
لا نبالغ إن قلنا إن حملة «وقف المليار وجبة»، التي تنظمها «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، هي واحدة من أكبر وأهم المبادرات الإنسانية على مر التاريخ، وسيتذكرها العالم لسنوات طويلة حين يكتب ويوثق للجهود التي بذلت لإحداث التنمية المستدامة في العالم، فالطريق إلى تنمية المجتمعات الأقل حظاً لا يمر عبر الأمعاء الخاوية، ودون إغاثة الجوعى وإطعام الطعام لمن يكابد ألم العوز والفقر.
@MunaBusamra
Muna.busamra@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.