انبعاثات صفرية (5)

تقدّر وكالة الطاقة الدولية (IEA)، أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المباشرة، بسبب إنتاج الصلب الخام، تصل إلى نحو 1.4 طن من الـCO2 لكل طن من الإنتاج، وتقدره جهات أخرى أنه أعلى ليصل إلى 1.85 طن متري لكل طن من الصلب. ولارتباط الحديد بالتصور البشري الصناعي واستخداماته العديدة، فإن تعزيز تحول هذه الصناعة، أحد مرتكزات معالجة تغير المناخ، باعتبارها حالياً مسؤولة عن أكثر من 7% من انبعاثات الـCO2 العالمية.

وعبر خفض الانبعاثات لمستويات صفرية، فإننا لن نمكّن من استدامة صناعة الصلب، بل سنسهم في بناء مستقبل أفضل وأنظف لكوكبنا. فالانبعاثات تراوح بين (0.4 وCO2 1) كغم من الصلب القائمة على تدوير الخردة فقط، وترتفع إلى 1.85 كغم من ثاني أكسيد الكربون، و1 كغم من الصلب لعمليات التصنيع المعتمدة على الاختزال المباشر فقط.

تأتي أغلب مصادر الطاقة والحرارة من الوقود الأحفوري في عمليات الصناعة التقليدية، وغالباً ما تكون باستخدام الفحم في المقام الأول، وهو ما يرفع متوسط انبعاثات الـCO2 من إنتاج الصلب لـ1.85 طن لكل طن من الفولاذ المنتج.

وتعد صناعة الحديد والصلب أكبر مستهلك للفحم، وأكثر الصناعات كثافة في استخدام غازات الاحتباس الحراري، حيث تستهلك نحو 7% من إمدادات الطاقة العالمية، وتشير التقديرات المتحفظة إلى أنها مسؤولة عن 7 إلى 9% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.

هل يوجد جانب إيجابي لصناعات الصلب تمكن من جعل انبعاثاته منخفضة الكربون؟

تتأثر انبعاثات الكربون في طن الفولاذ بشكل كبير بالمدخلات المعدنية المستخدمة في صناعته، ومع صناعة الصلب الثانوية (القائمة على الخردة والتدوير)، يمكن خفض البصمة الكربونية لتصبح أقل بكثير من صناعة الصلب الأولية (على أساس خام الحديد)، الأمر الذي يجعل التدوير أحد سبل جعل الصلب مادة صديقة للبيئة، حيث توفر الحالة الطبيعية للصلب العديد من الفوائد البيئية التي لا توفرها المعادن الأخرى. ويُصنف الفولاذ كواحد من أنسب المعادن لإعادة التدوير، لأن حالته تتطلب القليل من الصيانة، ويمكن إعادة استخدامه لعدد غير محدود من المرات.

فالفولاذ صديق للمناخ، كونه أحد أكثر مواد التصميم الداخلي صديقة للبيئة، لأنه نظراً لقوته، لا يحتاج لكثير لتحقيق الغرض منه، فهو معدن مرن قابل لإعادة التدوير إلى ما لا نهاية، حيث تقوم بعض مصانع الصلب باستخدام الخردة فقط لإنتاج الفولاذ الجديد، وتستخدم كميات أقل من الطاقة نسبياً في إنتاجه، وبالتالي تحول الطاقة في هذا القطاع سيكون له بصمة عالية.

ما الفولاذ الأخضر؟ هو الصلب المصنع دون استخدام الوقود الأحفوري، ويمكن استخدام «الهيدروجين الأخضر» كأحد مرتكزات الحلول الصناعية التي يمكن أن تساعد على تقليل البصمة الكربونية لصناعة الصلب، لتنتج عند الاحتراق الهيدروجين والماء فقط.

ومع نمو الطلب العالمي على الحديد، سترتفع بصمته، إلا إن قامت الدول بدورها وأعادت البيئة محوراً للتطور، ومقياساً لاعتماد الجدوى، عبر التركيز على التدوير واستخدام الطاقة النظيفة، ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، فالعالم مقبل على إنتاج نحو ملياري طن حديد في السنة عام 2025، ولعل النموذج الإماراتي المتميز هو حديد الإمارات، الشركة الوطنية الرائدة التي سعدت وافتخرت بمبادراتها التي اطلعت عليها أثناء مشاركتي في فعاليات ملتقى الاستثمار في أبوظبي، الذي عقد بطوكيو قبل أسابيع قليلة، فهذه المشاركة لم تسهم في عرض خطط مستقبلية بعيدة، بل توجه بيئي مسؤول يرى النور يومياً، وكلنا ثقة بأن قصة نجاح النموذج الإماراتي ستكون منارة عالمية، وقصة نجاح متميزة، ستعرض في COP28.

مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.