المماليك يفضّلون «أديداس»

الخطأ من طبيعة البشر، وتصيّد الأخطاء أصبح طبيعة بشرية ثانية. فمنذ أن بدأ إنتاج الأفلام والمسلسلات كان هناك مشاهدون يمتلكون عين الصقر وحسّاً نقدياً مرهفاً، فيلتقطون ما يكون قد أفلت من رقابة صنّاع الفيلم. ولعل ظهور المنصات مثل «شاهد» وغيرها في السنوات الأخيرة أتاح للمتابع المشاهدة المتأنية، فهو يعيد جملة لم يسمعها جيّداً، أو مشهداً أعجبه، أو ما يلاحظه من أخطاء. لذلك أصبح من الصعب - بل والمستحيل - تسرّب الأغلاط وهي تمرّ تحت مجهر دقيق مكوّن من عيون ملايين المشاهدين، كل واحد منهم له جريدة خاصة به وقناة تلفزيونية ملكه؛ أقصد صفحاته في وسائل التواصل.

ومنذ بداية رمضان لم تهدأ الصحف وقنوات «يوتيوب» وكل وسيلة أتاحتها التكنولوجيا الحديثة عن تصيد الأخطاء. والحقيقة أن صنّاع المسلسلات الرمضانية لم يقصّروا في ذلك؛ فقد أعطوا المشاهدين مادة دسمة للضحك حيناً وللانزعاج أحياناً. فأحد جنود المماليك يلبس حذاء رياضيّاً من ماركة عالمية في مسلسل «سره الباتع»، وهذا يمكن اعتباره غلطة طريفة مسلية، لكن أن يمثّل أيمن الشيوي بطوله الفارع وهو يقارب الستين من العمر دور نابليون المعروف بقصر قامته وعمره الصغير دون الثلاثين في حملته على مصر، فالأمر هنا يلامس المغالطة التاريخية، التي ضاعفها أن جنود الحملة الفرنسية ملامحهم صعيدية، فسبحان من حوّل الشّقرة الفرنسية سماراً.

ولعل المغالطات التاريخية في مسلسل «رسالة الإمام» كانت الأوضح، فمرة يلتقي الإمام الشافعي بالخليفة المأمون، وثانية يعالج زوجته عند طبيب قبطي، وهو ما لم يقع تاريخيّاً، وثالثة ينشد أبياتاً لشاعر سوري معاصر، ناهيك عن الحديث بالعامية المصرية، ما أثار استياء المشاهدين، ودفع صانعي الفيلم إلى تبرير صنيعهم بإضافة الجملة التالية: «بعض حكايات وشخصيات العمل من وحي خيال المؤلف للضرورة الدرامية»، وأرجعنا بالذاكرة إلى زمن حاتم علي ووليد سيف ومدرسة صناعة المسلسلات التاريخية التي لم نستفد منها ونبني عليها للأسف.

أخطاء مثل ظهور ألواح الطاقة الشمسية في مسلسل «الزند»، الذي تدور أحداثه في الزمن العثماني تحدث حتى في السينما العالمية التي تُرصد لأفلامها مبالغ خرافية، فالمتابع منا يذكر ظهور طائرة تحلّق من بعيد في الفيلم التاريخي «طروادة troy» بطولة براد بيت، أو كوب من «ستاربكس» في مسلسل «صراع العروش»، ولكن قليل من الانتباه من مساعد المخرج أو فني المونتاج يحول دون هذه الأخطاء التي ترجع إلى السباق المحموم قبل الموسم الرمضاني، حتى لا نرى مرة أخرى روجينا الصعيدية الفقيرة بـ«هوليوود سمايل».

• أحد جنود المماليك يلبس حذاء رياضيّاً من ماركة عالمية في «سره الباتع».. وجنود الحملة الفرنسية ملامحهم صعيدية، فسبحان من حوّل الشّقرة الفرنسية سماراً!

DrParweenHabib1 @

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.