أوليفر ستون: المخرج والمُبَلِّغ عن المخالفات
حيثما يحلّ أوليفر ستون، المخرج السينمائي الشهير، تكثر طلباته واعتراضاته.
جاء مدعواً إلى جامعة هارفارد ليتحدث عن فيلمه الجديد عن عميل وكالة الأمن القومي، إدوارد سنودن. طلب المخرج في البداية خفض درجة الحرارة في القاعة، ثمّ قام بعد ذلك بإرشاد المصورين إلى كيفية تصويره.
عند ظهوره أمام جمهور حاشد يضم أكثر من 700 طالب جامعي وطلاب دراسات عليا، صرخ أوليفر ستون طالباً شخصاً ما لرفع مستوى الصوت عندما تم تشغيل مقطع من فيلمه الجديد، «سنودن». كما اشتكى المخرج الحائز جائزة الأوسكار من أن أضواء المسرح كانت شديدة السطوع. وقال مازحاً: «أشعر هنا وكأنني متهم قيد الاستجواب!».
في كل مقابلة يُسأل ستون عن مقابلته مع سنودن، الهارب الذي يعيش سراً في موسكو والمطلوب من قبل وزارة العدل الأميركية بتهمة انتهاك قانون التجسس وإلحاق الضرر بأمن بلاده.
السؤال الآخر الذي يتم الضغط على ستون للإجابة عنه: «هل فيلمه هو تصوير حقيقي لقضية سنودن، أم مجرد وجهة نظره الشخصية في رجل تم تصويره إلى حد كبير كبطل لفضحه ملفات بالغة السرية في عام 2013، والتي أظهرت أن الحكومة الأميركية تجمع المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني لمئات الملايين من الناس؟».
لاشك أنّ ستون أنجز الكثير في حياته المهنية، من خلال تناول أصعب المواضيع، من حرب فيتنام إلى اغتيال الرئيس جون كينيدي إلى متاعب الرئيس ريتشارد نيكسون، حيث قدّم بشكل عام وجهة نظر مناهضة للمؤسسة.
بالنسبة لفيلم «سنودن» مع الممثل جوزيف غوردون ليفيت في الدور الرئيس، يصرّ ستون على أنه لم يشرع في إثبات براءة المُبَلِّغ عن المخالفات (whistle-blower)، وأضاف قائلاً: «إنه لم يكن ينوي صنع فيلم عنه، في الواقع، حتى تواصل محامي سنودن في روسيا معه ودعاه إلى موسكو للقاء سنودن سراً».
قال ستون لجمهوره: «ذهبت من باب الفضول، منْ منّا يستطيع أن يقول لا لرجل كهذا؟».
وتابع: «إنه وجد سنودن رجلاً ذكياً وواضحاً، وقبل كل شيء مؤمناً شغوفاً بالدستور الذي اعتقد أن الحكومة انتهكته (في عام 2015، قضت محكمة استئناف فيدرالية بأن برنامج المراقبة عبر الهاتف الذي كشف عنه سنودن كان مخالفا للقانون)».
«لقد تأثرت كثيرا به.. إنه ليس رجلاً يتسكع في الحانات.. إنه جاد جداً.. يعيش على جهاز الكمبيوتر الخاص به.. وعكس كثيرين لايبحث عن الشهرة» .
وصف بعض نقاد السينما فيلم «سنودن» بأنه يحتوي على تفاصيل كثيرة للغاية، ويبعث على الملل، ويفتقر إلى الجاذبية المعهودة في أفلام ستون، بينما يثير إعجاب الآخرين. قال ستون إنه لا يقرأ التعليقات حتى ينتهي عرض الفيلم.
مقاطع الفيلم، التي عُرضت في أوقات مختلفة خلال حديث ستون، كانت بالفعل جذابة ولاقت استقبالاً جيداً من قبل الطلاب الذين حضروا منتدى جون إف كينيدي جونيور، حيث تحدث ستون عام 1992 بعد طرح فيلمه «JFK».
سنودن نفسه، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «فايننشيال تايمز» في لندن، قال إن قصة الفيلم «أقرب ما تكون إلى الواقعية التي يمكنك الحصول عليها في فيلم». من الواضح أن ستون، الذي قرأ للمراسلين هذا الاقتباس، يفخر كثيراً بهذه الشهادة.
أنهى ستون حديثه بقوله: «آمل أن يكون هناك المزيد من المُبَلِّغين عن المخالفات.. نحن في حاجة ماسة إليهم في مجتمعنا».
باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.