في الشارقة.. الطفل يساوي «المستقبل»

قرأت مرة مقولة لأحد الفلاسفة يوضح فيها أن العالم لا يستطيع أن يضمن التغيير نحو الأفضل، إلا إذا أنشأ جيلاً، ثقافة التغيير لديه عادة راسخة، وليست مجرد معلومة مكتسبة، والحقيقة أن هذه المقولة دقيقة جداً وصائبة إلى أبعد حد، وتفتح أبواباً لإيجاد حلول لتحديات العصر الأساسية من الاستدامة إلى صناعة المستقبل والتغيير الإيجابي والأمن والاستقرار، وكل ما يعبر عن طموح المجتمعات بمختلف ثقافاتها.

خلال عملي - الذي دخل هذه الأيام عامه الـ10 في قطاع الثقافة بالشارقة - شهدت تجليات هذه المقولة، ولاحظت الإشارات الكبيرة لصحتها، فما نشهده في الإمارة من حراك ثقافي معرفي شامل، تشارك فيه المؤسسات الأكاديمية والاجتماعية والعائلات، والكاتب والناشر والموزّع وصاحب المكتبة، لاشك أنه سينتج عنه جيل كامل من أطفال الإمارات والجاليات القاطنة على أرضها، يتبنّى التغيير قناعة وليس مجرد فكرة، ويتعامل مع الاستدامة؛ كونها ممارسة ومنهج تفكير وليست مجرد شعار، ويؤمن بأن مستقبله يتشكل وفقاً للأفكار والمفاهيم التي تشرّبها منذ الصغر.

وسط هذا المشهد الثقافي النشط الذي يحتضن شباب وأطفال الإمارات، ويراعي احتياجاتهم المعرفية، يواصل مهرجان الشارقة القرائي للطفل مهمته التنموية في بناء أجيال المعرفة؛ هذا المهرجان الذي يستمد قوته واستمراريته من حكمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة؛ إذ وضع سموه بناء الإنسان قاعدة للطموحات والمشاريع الكبرى، إلى جانب رعاية سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، صاحبة فكرة المهرجان وراعية مسيرته.

تتعامل أهداف المهرجان مع تحديات العصر وتستجيب لاحتياجات المستقبل. في المهرجان ينشأ الطفل الإماراتي على تنوع الأفكار والمفاهيم ووجهات النظر، يرى بعينيه كيف يتحاور أبناء الثقافات المختلفة تحت سقف واحد، وكيف يتبادلون نتاجهم الذي يفخرون به أمام غيرهم، في إطار من التوافق والتعاون. وبفعل ما يوفره من مصادر متنوعة للمعرفة، تتأسس لدى الطفل جاهزية مستدامة للتعلم مدى الحياة، هذا المفهوم الذي أثبت أنه الحل الأكثر ملاءمة لتعزيز الموارد البشرية، ومواكبة متغيرات السوق، والثقافة والعلوم الاجتماعية، إلى جانب دوره الكبير في تعزيز قدرات الأطفال والشباب على التعامل مع الانفتاح على الثقافات، وانتقال الأفكار والمفاهيم من مجتمع إلى آخر بسهولة، وهنا أستذكر مقولة صاحب السمو حاكم الشارقة: «الهوية الثقافية هي آخر حصن يحمي الإنسان»، والهوية الثقافية لا تتشكل فجأة؛ بل تنمو مع الطفل وتترسخ بما يتعرض له من ثقافة.

خلاصة القول هي أننا في دولة الإمارات نشأنا بدورنا في محيط ثقافي يؤمن بأن المستحيل وهم، وأن الممكن ثقافة، وأن ما نحن عليه الآن بدأ بالتشكل منذ كنا صغاراً، وهذا يعني أن المجتمعات قادرة على تشكيل مستقبلها، وتحديد مصائرها من خلال الاهتمام بثقافة أطفالها. إن تنشئة الأطفال غرس، فلا أحد يجني الشوك إذا زرع العنب، ننتظركم آباء وأمهات، إخوة وأخوات، أبناء وبناتاً في مهرجان الشارقة القرائي للطفل، حيث تتشكل عقول مستقبلنا، وحيث نُعرّف الطفل في الشارقة بأنه كل شيء وأنه المستقبل!

• ننتظركم آباء وأمهات، أخوة وأخوات، أبناءً وبناتاً، في مهرجان الشارقة القرائي للطفل حيث تتشكل عقول مستقبلنا..

المنسق العام لمهرجان الشارقة القرائي للطفل

الأكثر مشاركة