الحوار الوطني حول الطموح المناخي (4)

قد يُفاجأ البعض حين يدرك أن صناعة الأزياء تنتج نحو 10% من انبعاثات الكربون، وهي نسبة تتجاوز انبعاثات جميع رحلات الشحن البحري والرحلات الدولية مجتمعة، ناهيك عن أنه من المتوقع أن تزداد انبعاثات الغازات الدفيئة الضارة الناجمة عن الموضة بنسبة تزيد على 50% بحلول عام 2030.

ولثقتنا بنبل مساعي وزارة التغير المناخي والبيئة، وجهود قيادتها المبتكرة، فإننا نطرح فكرة أن تتضمن الحوارات الوطنية حول التغير المناخي مناقشة إشراك صناعة الموضة في هذه المبادرة الوطنية المهمة.

ومع واقع أن الموضة هي ثالث أكبر ملوث في العالم، مع سلسلة التوريد الخاصة بها (بعد الغذاء والبناء)، حيث تطلق 1.2 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً (أكثر من صناعة الشحن والطيران مجتمعين)، وهي أرقام تتزايد سنوياً، تظهر الحاجة لبناء وعي مؤسسي وفردي متكامل، ونقاش شفاف يطرح حلولاً وبدائل وخطوات انتقالية لخفض ذلك.

فالجانب المظلم للأزياء السريعة أنها تجفف مصادر المياه، وتلوث الأنهار والجداول، ويتم التخلص من 85٪ من جميع المنسوجات في مكبات النفايات كل عام، كما أن غسل الملابس يطلق 500 ألف طن من الألياف الدقيقة في المحيط سنوياً (ما يعادل 50 مليار زجاجة بلاستيكية).

ويتم التخلص من 92 مليون طن من المنسوجات في مكبات النفايات سنوياً من إجمالي 100 مليار قطعة ملابس يتم إنتاجها، وللتوضيح، يعني ذلك ما يعادل شاحنة قمامة مملوءة بالملابس، ينتهي بها المطاف في مواقع دفن النفايات كل ثانية.

أما البصمة الكربونية لصناعة الملابس، فحدث ولا حرج، حيث ينبعث ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة من الأزياء السريعة عبر نفايات الملابس والمنسوجات، والتي جعلت الموضة السريعة من أسباب تفاقم تغير المناخ، فـ57٪ من الملابس المهملة وغير المبيعة والمستعملة ينتهي بها الأمر في مكبات النفايات. وتسهم الولايات المتحدة وحدها بـ14 مليون طن من نفايات الملابس سنوياً. كما يمثل قطاع المنسوجات والملابس نسبة كبيرة من انبعاثات الكربون العالمية. وتراوح التقديرات بين 6

و8% من إجمالي انبعاثات الكربون العالمية، أو نحو 1.7 مليار طن من انبعاثات الكربون سنوياً، وهو ما يتزايد بالتوازي مع النمو السكاني والتطور الاقتصادي.

هل توجد حلول لهذه المعضلة، خصوصاً مع استمرار الانفجار السكاني؟ نعم، حيث يمكننا تقليل البصمة الكربونية في صناعة الملابس عبر تقليص الألياف الصناعية، وتقليص استخدام الألياف العضوية، وزيادة استغلال الألياف المزروعة تقليدياً، لتسهم في تقليل بصمة الكربون في صناعة المنسوجات استناداً إلى القضاء على الأسمدة الاصطناعية والمبيدات الحشرية والكائنات المعدلة وراثياً (GMOs)، التي ستسهم في تحسين صحة الإنسان، وتعزز التنوع البيولوجي الزراعي.

كذلك يجب الحد من التبذير وإعادة تدوير الأنسجة واستخدامها لأغراض أخرى، سواء لم تعد ملابسنا مناسبة أو أنيقة. يجب أن ندرك أن سلوكنا مؤثر كأفراد، ويجب تطبيق ممارسات صديقة للبيئة، وتطوير عمليات البحث العلمي لتطوير الأنسجة الطبيعية المستخدمة من ألياف مخلفات الإنتاج الزراعي والحيواني، ولربما نبحث في استخدام ألياف النخيل وسعفه. شجرتنا المباركة التي أطعمتنا وأظلتنا، وهي ركيزة ثقافية زراعية في ثقافتنا، ولربما تصبح جزءاً من ملابسنا، فملابسنا جزء من هويتنا.

وللحديث بقية...

مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.