الرجال
أولئك الذين يرهنون كل صباح أعمارهم، ويراهنون على صحتهم وراحة أبدانهم لأجل غيرهم، الذين يعرفون قيمة أنفسهم ودورهم الأزلي في الحياة قوامة وعطاءً وحماية.
أولئك الذين يتحملون بلا كلل، ويقدسون العمل، ويسعون بلا توقف أو ملل، ولا يرون لسيرهم وطريقهم خط نهاية.
أولئك الذين يعيشون بشرف، وينشرون الخير حولهم، ويمدون يد العون لمن حولهم بلا تفضل أو منن، ويترفعون عن الصغائر والمكائد والدسائس والوشاية.
أولئك الذين تتحدث عنهم أخلاقهم، وتترجم الأفعال عظيم حبهم، وتُظهر المواقف نبلهم، وينبئ مظهرهم ومخبرهم بحسن تربيتهم وطيب أصلهم.
أولئك الذين يصدقون القول والقسم والكلمة، ويحفظون العهد والوعد والأمانة ولو على رقابهم، يغضون طرفهم ويصونون شرفهم وعرضهم.
أولئك الذين يحرصون على حسن المظهر، وطيب الحديث، ويعرفون أنهم قدوة أبنائهم وإخوانهم وأقرانهم، فلا ابتذال في ملبس، ولا فُحش ولا تفريط في قيم وأخلاق مجتمعاتهم.
هذه هي بعض صفات الرجال الحقة، وغيرها الكثير مما تتفق عليها كل المجتمعات الإنسانية منذ الأزل وحتى تقوم الساعة.
الأخلاق و«علوم الرجال» ثوابت ومقدسات في كل زمان، مهما تغيرت الأجيال وتطور البنيان، قانون سماوي ووعد إلهي بأنه لن يمكث في الأرض إلا ما ينفع الناس، وما دونه استثناء زائل، ولا يمكن أن تستسيغه الفطرة السوية مهما كانت الأسباب.
التهاون في مظاهر الرجولة، سواء في الملبس أو الصوت أو تصفيف الشعر، ينتشر بصورة مفزعة بين الشباب والصبية، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتماهى مع ذلك ما يقوم به وما نراه من بعض الفنانين، الذين لهم قاعدة عريضة ومعجبون كثر في كل البلاد العربية، ما ينذر بأن شيئاً قوياً قادم، هنا لابد من وقفة جادة، ودور قوي للأسرة والمدرسة في إعادة الأمور إلى نصابها، حمايةً لجيل بأكمله يتعرض لمحاولة طمس الهوية والنوع.
الرجولة والاحترام والالتزام بكل مظاهرها تعكس اعتداداً بالنفس، وثقة بالجوهر والمخبر، وانتصاراً للفطرة السوية، وحفاظاً على ثوابت الدين التي تعد سياج الحماية الوحيد المتبقي الموثوق به وسط هذه الفوضى العارمة.
نحتاج إلى أن نعلم أبناءنا أن لديهم خيارات لا حصر لها في عالمهم عالم الرجال، بعيداً عن تلك الملابس التي تعطي انطباعاً سلبياً عن صاحبها، فلا نعرف إن كان شاباً أم فتاة، وأن التقليد الأعمى والتشبه بالفتيات والنساء ينتقص من طلتهم القوية، ويطفئ ألق رجولتهم، ويعرضهم لاضطرابات نفسية في أيامهم المقبلة.
لابد من وقفة جادة ودور قوي للأسرة والمدرسة في إعادة الأمور إلى نصابها حماية لجيل بأكمله يتعرض لمحاولة طمس الهوية والنوع.
@amalalmenshawi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.