صِناعة الأمل
ورد في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ من الناس مفاتيحَ للخير، مغاليقَ للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويلٌ لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه». وقد رأيتُ واقع هذا الحديث في صانع الأمل للناس؛ إنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي - حفظه الله تعالى ورعاه - هذا الرجلُ الذي لا يألو جُهداً في نفع الناس وفتح أبواب الخير لهم، فكم له من أياد بيضاء يبسطها في السراء والضراء، وصنائعَ معروفٍ يقدمها لمن يعرف ومن لا يعرف!
إن هذا الرجل العظيم يحمل همَّ العالَم، يود لو أن العالم كله يعيش عِيشةً هنيَّة، وحياةً رضية، يسعد ويرغَد، يبني ولا يهدم، يعمر ولا يصحِّر، يتقدم ولا يتأخر، فيقدم لشعبه وأمته ومن استطاع من بني الإنسانية ما ينهض بهم نحو العلا والرُّقِي، هذا هو ديدنُه وهِجِّيراه - حفظه الله ورعاه- فهو لا يكِل ولا يمل من فعل الخير، والتشجيع عليه، وإكرام الخيِّرين من الناس الذين يسهمون بمالهم وفكرهم في نفع غيرهم.
وها هو برنامج صُنَّاع الأمل الذي هو أكبر مبادرةٍ عربية للاحتفاء بأصحاب العطاء في الوطن العربي، وضعه سموُّه لتكريم الأفراد والمؤسسات التي لها مبادراتٌ ومشاريعُ وبرامجُ وحملاتٌ إنسانية ومجتمعية تسهم في تحسين حياة شريحة من الناس، أو رفع المعاناة عن فئة معينة في المجتمع، أو تعمل على تطوير بيئة بعينها، اجتماعياً، أو اقتصادياً، أو ثقافياً، أو تربوياً، أو المساهمة في حل أيٍّ من التحديات التي يواجهها مجتمعه.
إن هذه الجائزة التي يقدمها سموه لصُنَّاع الأمل الذين يقومون بذلك كجهد شخصي، أو بصورة تطوعية ودون مقابل، ودون تحقيق ربح أو منفعة مادية، هؤلاء الأخيار هم الذين يحظون بجائزة سموه التي هي في الحقيقة إشادةٌ بفضلهم، وشكر لهم على عطائهم، وشحذٌ لهمم غيرهم من القادرين على نفع الناس بأي وسيلة يمكنهم تقديمها، بجهدهم الشخصي، أو التطوعي دون مقابل، أو ربح، أو منفعة مادية.
فسموه - حفظه الله - يكرمهم؛ لأنهم أناسٌ فاعلون في المجتمع، ويؤثِرون غيرهم بما يحقق نفعهم، ويبعثون فيهم أمل السعادة التي يبتغيها كل فرد، إلا أن الكثير قد لا يقدر على تحقيق السعادة لنفسه دون مساعدة غيره، فأقام سموه هذا البرنامج الموفق لتعريف أولئك الذين يبحثون عن السعادة بأن هناك من يمد لهم يد العون لتحقيق مبتغاهم، فيفتح لهم الأمل لتحقيق المآرب الخيِّرة التي يطمحون إليها.
إن فتح باب الأمل للناس هو استشراف للمستقبل الذي ينبغي أن يكون حاضراً في ذهن الإنسان حتى لا يحبطه اليأس، بل عليه أن يسعى جاهداً نحو الهدف المنشود الراقي، وسيجد عوناً من الله ومن الناس، وكما قال الحكيم:
لأستسهلنَّ الصعب أو أدركَ المُنى * فما انقادت الآمالُ إلا لصابرِ
والمعنى إلى أن أدرك المنى، والنبي عليه الصلاة والسلام قد حثنا على مثل ذلك بقوله: «أحرث لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً».
الأملُ هو المطية التي ينبغي أن يركبها المرءُ في الصعب والذَّلول، حتى يحققَ مقصوده، أو يموتَ دونه.
الأملُ صناعةٌ لا يحسنها إلا من جربها وخاض في لُجِّها، كما فعل ويفعل هذا الهُمام العظيم - حفظه الله-.
إن الأملَ يتحقق بالعمل، والسير بكدٍ بغير ملل، ومن سار على الدرب وصل، ومن سلك مسلك الكسل لم ينل، وما أبدع قول الطَّاغُرَّائي:
أُعَلِّل النفس بالآمال أرقُبُها... ما أضيقَ العيش لولا فُسحة الأملِ.
برنامج صُنَّاع الأمل وضعه محمد بن راشد لتكريم الأفراد والمؤسسات التي لها مبادراتٌ ومشاريعُ وبرامجُ وحملاتٌ إنسانية ومجتمعية تسهم في تحسين حياة شريحة من الناس.
«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.