تحديات ومعالجات في مشروع الأضاحي
تتميز هذه الأيام الفاضلة بشعيرة عظيمة يحرص الناس على تنفيذها، وهي شعيرة الأضحية، فإما أن يباشرها المضحي أو يوكل فيها الجمعيات الخيرية لتنوب عنه في تنفيذها.
والتوكيل من عقود الإرفاق للتسهيل على الموكل في قضاء شؤونه، ومن بينها شعيرة الأضحية.
فيتوافد المضحون على الجمعيات الخيرية للتبرع بقيمة أضحية أو أكثر، وهذا أمر حسن، لأنه أدعى إلى ازدياد أعداد المستفيدين من الفقراء والمساكين كلما زاد عدد المضحين.
وهنا مسألتان مهمتان تتعلقان بالمقصب والمورد.
الأولى هي: أن الجمعيات الخيرية تحرص على ذبح الأضاحي المخصصة كلها في أسرع وقت، بهدف إسعاد المضحي، والفراغ من أضحيته مبكراً، وهذا شيء جميل، ولكن المشكل والمضحك في آن واحد أن بعض المضحين يتبرع بأضحيته في اليوم الثاني أو الثالث من العيد، فتصرّح الجمعية أو المندوب بأن تبرع هذا المضحي قد تم تنفيذه في أول يوم من أيام العيد، وجميع التبرعات الحالية إنما هي تغطية للمخصصات التابعة لمشروع الأضاحي المنتهية سلفاً.
وهذه من الأمور الدقيقة، ولا تقتصر على داخل الدولة فقط، بل تشمل الأضاحي التي تذبح خارج الدولة كذلك. فلا تذبح أضحية إلا والأصل أن يقابلها تبرع من مضحٍ، إلا في حالة إغلاق الجمعية استقبال تبرعات المضحين أيام التشريق، أو تغطية المخصص بالكامل، ففي هذه الحالة لا لوم ولا عتاب على الجمعية.
إذاً لا داعي لذبح كل الكمية إذا كانت التبرعات لم تستوفِ تلك الأضاحي كاملة، بل ينسق مع المقصب في إيقاف الذبح، وإعطاء المجال لجمعية أخرى لتذبح ما لديها.
الثانية: أن تتعاقد الجمعية على عدد معين من الأضاحي، لكن أحياناً لا تتم تغطية العدد المخصص من الأضاحي من قبل المضحين، والجمعيات الخيرية ملزمة في هذه الحالة بذبحها كاملة خلال أيام العيد، عملاً بالعقد المبرم مع مورد الأضاحي، فتدفع قيمتها من بنود أخرى كالصدقات العامة وغيرها.
وهنا أشير إلى عمل خيري جليل عظيم النفع والأثر يمكن أن يقدمه المورد، وهو أن يُقيل ويعفي الجمعية عن هذه الزيادة أو في جزء منها، ويكون مشاركاً في العمل الخيري، لأن هذا المبلغ الذي ستخرجه الجمعية من الصدقات كان يمكن أن يصرف لغرض آخر، ولكن عملاً بمبدأ لزوم العقد تدفعه للمورد، مع الجزم بأنه قد حقق أرباحاً طيبة في تجارة المواشي في هذه الأيام، والفائدة المتحصلة من الجمعيات الخيرية لن تشكل في حقه خسارة بأي حال من الأحوال، ولذلك نشد على أيدي الموردين ليكونوا متسامحين في هذا الأمر، لأن الجمعيات الخيرية لا تستهدف ربحاً أو تجارة من وراء شراء هذه الأضاحي.
[تقبل الله منا ومنكم الطاعات والقربات]