جودة الحياة (2)
جودة الحياة تتطلب إدراكاً واسعاً يشمل أبعاداً مركبة (لنفهم من خلالها العناصر أو العوامل التي تشكل منظومة بيئية وكياناً شمولياً متكاملاً، يمكن قياسها عبر مؤشرات أساسية، ولمجموعة من الأبعاد الفرعية المرتبط كل منها بمؤشرات مركبة).
ويشمل ذلك عوامل موضوعية كالسيطرة على الموارد المادية، والصحة، وحالة العمل، والظروف المعيشية وغيرها، ويشمل ذلك بصورة أو بأخرى، الفهم الفردي والتصور الذاتي للأفراد، ويعتمد ذلك بشكل كبير على أولويات المواطنين واحتياجاتهم ودعم الدول رفاهية شعوبها يتفاوت بشكل كبير، ويشكل اختلافاً في المفاهيم وتطلعات الأفراد والمجتمع.
إن قياس جودة ونوعية الحياة، لمختلف السكان والبلدان بطريقة قابلة للمقارنة مهمة معقدة، ويتطلب هذا الغرض لوحة من المؤشرات التي تغطي عدداً من الأبعاد ذات الصلة، وبياناتها إما هي غير متوافرة أو لا تقاس بشكل دقيق ومؤسسي، أو أن الإطار العام لقياس نضجها لايزال قيد التعريف والبحث، ويتطلب تخطيطاً استراتيجياً، واتفاقيات مؤسسية وتشغيلية ومنظومة إجرائية، وتبادلاً بيانياً لحظياً، وسلسلة من المراحل والعمليات والربط.
ما مؤشرات جودة الحياة؟ المؤشرات الأساسية تتضمن محاور: التعليم والتوظيف والدخل (خط الفقر أو الرفاه)، والطاقة والبيئة والصحة، والتوازن بين الحياة والعمل، والعلاقات الشخصية، وحقوق الإنسان، والمشاركة المدنية، والبنية التحتية والإسكان أو المأوى والخدمات، والأمن الوطني والسلامة العامة والجودة البيئية، والأمن الشخصي أيضاً، والوصول إلى الأنشطة الثقافية والترفيهية.
ومع شمولية المحاور وتضمينها المؤشرات الأساسية، تليها مؤشرات تفصيلية، ومع الطفرة المعرفية التقنية الوطنية، يجب أن نتطلع لإجراء مقارنات معيارية مباشرة، ولربما تعديل نوعي لجوائز التميز أو إطلاق إصدار جديد للبرنامج الوطني لجودة الحياة، يعزز ممارسات الجهات المعنية، ويحفز شراكات مركبة ونوعية، مقرون بحوكمة فعالة تتيح لمتخذ القرار الاطلاع الفوري على الأرقام التي تعزز دعم القرار واعتماد السياسات والمبادرات الوطنية ذات الصلة.
الناتج المحلي الإجمالي (GDP)، هو المقياس الأكثر شيوعاً للنشاط الاقتصادي في وقت معين، ويستخدم من متخذ القرار كمعيار قياسي، لبناء قرارات أو توصيات عليه، ويشمل جميع السلع والخدمات التي ينتجها الاقتصاد بلمحة سريعة عنه.
وبالتالي له أهمية كبيرة، ولكن ليس المقصود منه أن يكون مؤشراً للتقدم الاجتماعي، ولا يمكن ربطه برفاهية المواطنين. ومن أسباب عدم كفايته لهذا الغرض، والحاجة لتعزيزه بمؤشرات أخرى أن مقاييس الدخل الأخرى تظهر واقع أوضاع الأسر، فالناتج المحلي لا يقدم صورة شاملة عن ثراء مواطني المجتمع أو فقرهم. فقياس الأداء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، يتطلب رصد مستويات المعيشة المادية للمواطنين بشكل أفضل، باستخدام مقاييس دخل الأسرة واستهلاكها، مع المقاييس المشتركة للدخل والاستهلاك والثروة على المستوى الفردي. وحسبما جاء في تقرير لجنة قياس الأداء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي في الاتحاد الأوروبي عام 2009، أوصى الباحثون بالأخذ بدخل مواطني بلد ما، كونه أكثر أهمية بشكل واضح لقياس رفاهية المواطنين من الإنتاج المحلي.
هل نشهد إصداراً جديداً للبرنامج الوطني لجودة الحياة؟ أو إطلاق باقة من الرحلات السلسة الموجهة لهذا الغرض؟ هذا ما نتطلع له مقروناً باتفاقيات أداء مؤسسية، واتفاقيات تشغيلية لتحقيق الحوكمة الفعالة.
مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.