«إنجليزي دَهْ.. يا مجمع؟»
«أجازت لجنة الألفاظ والأساليب بمجمع اللغة العربية في القاهرة استخدام لفظ (التِّرِنْد) وجمعها (ترندات)».. وبهذا الخبر أصبح المجمع نفسه «ترنداً» أو رائجاً أو متداولاً أو شائعاً، كما اقترح معارضو هذه الإجازة.
ومجمع اللغة العربية الذي تأسس قبل 90 سنة، وتداول على رئاسته أدباء كبار مثل أحمد لطفي السيد وطه حسين وشوقي ضيف، يجهل كثيرون من أبناء «تيك توك» و«إنستغرام» و«سناب شات» وجوده، ولم يسمعوا به من قبل لولا أن تحوّل إلى محطّ أنظار بعد أن أجاز مصطلحاً من هذا العالم الافتراضي، وقد حدثت ضجة مماثلة قبل فترة يوم أضاف المجمع نفسه الفعل العامي «استعبط» إلى اللغة العربية.
ولست ضد هذه الإجازة ولا تلك الإضافة، وإن كنت أرى أن لا جدوى منها، فقد كان أولى بمجمع اللغة العربية – ولست هنا لأملي عليه دوره وفيه علماء لغة كبار ولجان متخصصة – أن يعرّب ما يستطيع تعريبه من ملايين الألفاظ والمصطلحات التي لاتزال في حاجة إلى مقابل عربي، لا أن يقول إن هذه اللفظة الأجنبية أو تلك جائزة في الاستعمال العربي كما هي، وإلا فليطلق قاعدة عامة تقول إن «كل لفظ لا يوجد له مقابل عربي يجوز استعماله بصيغته الأجنبية»، وهذا ما هو حاصل فعلاً في اللغة المتداولة، فمن يمتلك التكنولوجيا يصنع لغتها، ونحن نتبناها لأن المجامع لقلة إمكاناتها أبطأ من أن توفر لنا بديلاً مناسباً يغنينا عن اللفظ الأجنبي، فحين وضع المجمع لفظة «المرناة» للتلفزيون، كان مصطلح «تلفزيون» قد دخل كل بيت واكتسب شرعية واقعية أصبح معها من الصعب بل من المستحيل زعزعته.
عارض خطوة المجمع كثيرون، ومنهم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهو عضو في مجمع اللغة العربية في القاهرة، ووافق المجمعَ على خطوته كثيرون أيضاً، ولعل فائدة هذه الإجازة المجمعية للفظة «ترند» ليس في كونها أضافت كلمة جديدة إلى لغتنا، بل إنها سلطت الضوء على أنّ هناك هيئات مختصّة في «عمل المعاجم وبحث قضايا اللغة ووضع المصطلحات العلمية» كما جاء في صميم مهامّ مجمع اللغة.
الغريب أن نسخة «تويتر» المعرّبة استعملت لفظ «رائج» في مقابل «ترند»، وهو بديل مقبول إلى حدٍّ ما، وبالنسبة لي كنت أفضل ألا يكتفي المجمعيون بإجازة ما هو مستعمل بحكم الواقع، بل يسعون لإيجاد البديل العربي الأصيل أو اشتقاقه، وإلا لو اكتفينا بترك جميع الألفاظ الأجنبية على حالها في لغتنا لأصبح تعريف الترند – كما ذكر أحد الظرفاء – «هو البوستات أو التويتات التي يُشَيِّرها الفولورز بكثرة على مواقع السوشيال ميديا».
• كثيرون من أبناء «تيك توك» و«إنستغرام» و«سناب شات» يجهلون وجود المجمع، ولم يسمعوا به من قبل لولا أن تحوّل إلى محطّ أنظار.
DrParweenHabib1@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.