معالجة تداعيات التغير المناخي
أقام مجلس حكماء المسلمين مؤتمراً يوم الرابع من أكتوبر في جاكرتا لبحث موضوع التغير المناخي الذي يشهده العالم اليوم، هذا التغير الذي ينذر بخطر داهم، لا مجال لغض الطرف عنه من أي إنسان يعيش على هذه الأرض، وعلى رأسهم العلماء والساسة، فالعلماء بمختلف تخصصاتهم التطبيقية والنظرية عليهم مسؤولية كبيرة في الحفاظ على الأرض التي هي كِفاتٌ لنا أحياءً وأمواتاً.
فعلماء العلوم التطبيقية عليهم عدم السماح لعلمهم بأن يتطور لما يضر، بل بالإبقاء على ما ينفع ويمكث في الأرض؛ لأن هؤلاء العلماء المبدعين والمخترعين هم السبب المباشر لما يضر البيئة والحياة، فالواجب أن يكون علمهم نافعاً غير ضار، وإلا كان العلم وبالاً على الأمة، وذلك ما لا يجوز فعله.
وعلماء العلوم النظرية عليهم مسؤولية نشر ثقافة حماية هذا الكوكب من التلوث، وعليهم بث ثقافة الحياة المستدامة لأنفسهم وأجيالهم المتعاقبة؛ لأن العلماء هم الهداة للبشرية، وقد كلفهم الله تعالى بحمل أمانة العلم وأدائه على النحو الذي ينفعهم ولا يضرهم، فقد قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} وهذا الميثاق عظيم، والتفريط فيه شديد، وهو أمانة في أعناقهم إن فرطوا فيها فإنهم يكونون قد فرطوا في أمانة أبَتْ السماوات والأرض والجبال حملها لشدة المؤاخذة على التفريط فيها، وحملها الإنسان لأنه هو المكلف والمستخلف في هذه الأرض، ومن أعظم الأمانات التي حملها الإنسان؛ أمانة الاستخلاف في الأرض على وجه الإصلاح لا على وجه الإفساد، ولا تؤدى أمانة الاستخلاف إلا بالنصح للأمة والصبر على أدائها والمثابرة على نشرها حتى تؤتي ثمارها.
أما الساسة فهم الفاعلون الحقيقيون في المناخ إيجاباً وسلباً، وهاهم قد استشعروا الخطر لمّا بدأ التغير المناخي يكشر عن أنيابه بهذه الفيضانات المدمرة، والجَزر المتكرر، والحرائق الكاسحة، والحرارة المرتفعة، فبدأ يتحرك لرأب ذلكم الفساد المصنوع، ومن ذلك اجتماع العالم في المؤتمر المقبل «COP28» الذي تستضيفه دولتنا المباركة، الإمارات العربية المتحدة، الدولة السباقة لحماية البيئة بالحفاظ على الكائنات البرية والبحرية وزراعة الأرض وصناعة المحميات، وغير ذلك مما يشهده كل زائر لها وناظر لبيئتها النظيفة والخضراء، ما أهّلها لأن تستضيف العالم أجمع آخر شهر نوفمبر المقبل.
هذا المؤتمر العالمي الذي سيضع المسؤولية على نصابها في رقاب زعماء العالم، وهي مسؤولية عظيمة، فإن لم يقوموا بواجبهم فإن الأجيال لن تعفو عنهم، والأرض لن تحملهم، وعندئذ سيعضون أصابع الندم حيث لا مندم. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.