تجار الحروب
وسط الحروب وفي قلب ظلامها وظُلمها، وتحت أنقاض البيوت والمساجد المهدّمة على رؤوس أصحابها، وفوق الجباه التي ترفض الانحناء لغير الله، وتأبى بيع أرضها وأحلامها، هناك نور ينتظركِ يا غزة.
رغم صرخات أطفالك ورغم انكسار النسوة اللواتي يغادرن بيوتهن كارهات، هناك جذور وأصول وتواريخ يستحيل نزعها من أرضك يا غزة.
ومهما دمّر المحتلون معالمك، وجوّعوا سكانك وعدّلوا خريطتك، هناك دعوات لا تنقطع وأصوات تؤازر صوتك يا غزة.
أؤمن - يا غزة - بأنكِ قادرة على الاغتسال من أحزانك كلما أذن فجر الأقصى.
أتخيّل كم هي قسوة لياليك وأيامك على أهلك، وكم هي مفجعة ومؤملة قصصك، وكم تتشح أشجار الزيتون بألوان حزنك.
تدركين أن قدَركِ أزلي في التصدي لمن يحاول النيل منكِ، وكم أصابك من نوازل الدهر فصبرتِ وانتصرتِ، ويشهد التاريخ لـ«حطّين» وصلاح الدين وأيام مجدك.
مع كل حرب سلع رديئة وتجار سيئو السمعة، وللأسف الشديد سلع هذا الزمان ما يبيعه هؤلاء التجار على مواقع التواصل الاجتماعي من هجوم على الإمارات التي وقفت عقوداً مع فلسطين وقضيتها.
لمن لا يعرف، وتأكيداً لمن يعرف، الإمارات أكبر مانح للمساعدات في غزة وللقضية الفلسطينية، بل وفي العالم أجمع. وبلغة الأرقام تتصدّر الإمارات قائمة الدول المانحة للمساعدات منذ عام 2014 حتى الآن.
وأسالوا مَن يعيشون هناك عن أيادي الإمارات الممتدة بالخير، ومَن هنا من إخوتنا من فلسطين كيف يُعامل الجميع على قدم المساواة لا فرق بين مواطن ومقيم، فالكل يحظى بالاحترام ذاته، والترحيب والحرص على كريم العيش.
يعرف القاصي والداني، كيف هي مواقف الإمارات وثباتها منذ حرب أكتوبر المجيدة، حتى الآن، وينظر العالم إليها على أنها صوت الحكمة وضمير الأمة.
الإمارات كبيرة وعصية على الأصوات المغرضة، وتترفع عن الصغائر وتتغاضى عن قصد، للمّ الشمل وتوحيد الصف، فما عاد هناك ترف لمزيد من الانقسام والفرقة والتناحر.
amalalmenshawi@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.