صدى الحروب في الأدب العالمي
الحرب، تلك العاصفة المدمرة التي تقتحم عوالمنا وتهز أركان البشرية، نقرأ صداها في الإبداع الأدبي. إنها ثيمة قابعة في بيوت الأشعار وفي لوحات السرديات التي تكشف لنا أسرار البشر وصراعاتهم عبر عصور الزمان.
في عالم الأدب العربي، تبرز موضوعات الحروب كشمس تشرق دوماً على أفق الأدباء، تعكس صراعات الأمم وأحلام الأفرد. شعراء بارزون مثل محمود درويش، ونزار قباني، وجبران خليل جبران، يكتبون عن الحرب وآلامها. في قصيدة «بطاقة الهوية»، يكون محمود درويش شجاعاً يدافع عن أرضه وهويته كما يفعل الأبطال، بل ويحث على المواجهة بإنجاب الأجيال القادمة، كأنما يقول سنقاوم الموت بتعمير الأرض وحب البقاء. ويصوِّر نزار قباني في أبياته قلباً تمزقته ألوان الحروب، حيث يضحى الحب والبراءة ضحايا، كما نقرأ في رثائه لزوجته «بلقيس»، التي قتلت في انفجار في بيروت. ويعبِّر جبران خليل جبران في نصوصه الفلسفية عن حرب داخلية، تخوضها الأرواح البشرية ضد شياطينها ومتلفي براءتها.
في الأدب العالمي، يتمثل موضوع الحرب بأبعاده المتعددة، وهو يتأرجح في أبيات الشاعر الإنجليزي ويلفريد أوين، والكاتب الألماني إيريك ماريا ريمارك، والروائي الروسي ليو تولستوي. إنها تبدو كمسيرة لا تنتهي للمحاربين عبر جبهات القتال، حيث ظلال الموت والدمار تلوح في الأفق.
كتب الشاعر والجندي الإنجليزي ويلفريد أوين في قصيدته الرائعة «Dulce et Decorum Est»، خلال الحرب العالمية الأولى، ونُشرت بعد وفاته في عام 1920. عنوانها اللاتيني مأخوذ من قصيدة للشاعر الروماني هوراس.
إنها واحدة من أكثر القصائد شهرة، تلك التي رسمت ببساطة رهبة حروب الخنادق ومعاناتها.
تكشف القصيدة بوضوح عن جحيم يعيشه الجنود، وتنتقد الدعاية الوطنية التي تسعى لتزيين واقع الصراعات المأساوي.
الكاتب الألماني إيريك ماريا ريمارك، في روايته «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية، 1928»، يرثي جيلاً ضائعاً، حيث تصبح ساحة المعركة حفرة تبتلع براءة الشباب.
وفي «الحرب والسلام»، يرسم تولستوي لوحة ضخمة للصراع الإنساني، حيث تتشابك مصائر الأمم مع مصائر الأفراد، وتتحول ساحة المعركة إلى ساحة لمعاني الإنسانية العميقة.
إنّ موضوع الحرب في الأدب هو أيضاً شهادة على روح الإنسان المقاتل، وقدرته على التحدي والصمود، حتى في وجه أصعب التحديات. إنه موضوع يتجاوز حدود الزمان والمكان، ويمتد عبر اللغات والثقافات، ليروي تجارب الإنسان الجماعية وقوته في صنع الدمار والإعمار.
باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.