وثيقة قادة الأديان للحفاظ على المناخ
وقّع قادة الديانات السماوية والوضعية في المؤتمر العالمي المنعقد في العاصمة أبوظبي بين 6-7 من نوفمبر الجاري «ملتقى الضمائر توحيد القيادات الروحية من أجل إحياء الكوكب»، الذي نظمه مجلس حكماء المسلمين، وقعوا وثيقة دينية تنص على وجوب الحفاظ على بقاء المناخ سليماً صالحاً، ومعالجة ما نجم عنه من آثار سيئة؛ هذه الوثيقة العالمية التي ستقدم لزعماء البلدان في مؤتمر «كوب28» الذي سينعقد، إن شاء الله تعالى، أواخر الشهر الجاري في دولة الإمارات، لتقول هذه الوثيقة: إن الأرض أمانة عندكم، ويجب أن يكون العمل فيها بما يصلحها، لا بما يفسدها، وذلك من منطلق أن القادة الدينيين مؤتمنون على بيان النصح لمن بيده الأمر، فلا يملكون غير ذلك، فهي وثيقة تبصيرية لأولي الأمر المهتمين بالتطور التقني والصناعي والتكنولوجي والفضائي والنووي لمصلحة شعوبهم والتغالب فيما بينهم، وتبين لهم أن عليهم قبل كل ذلك أن يهتموا بأصل الأصول، ومنبع الخير للإنسانية، وهي هذه الأرض الذي استُخلِف جنس ابن آدم عليها ليعمرها، ويستفيد من خيراتها، من غير إضرار بموجوداتها وكائناتها النامية والجامدة، لما لذلك من أثر سيئ في حياة الإنسان والحيوان والنبات، وهاهم الزعماء يدركون خطر التغير المناخي الناتج عن الاستغلال الجشع للماديات من غير مراعاة للمآلات السيئة التي تتفاقم يوماً بعد يوم، فكان من المناسب جداً أن يقوم القادة الدينيون بواجب البيان تذكيراً لهم بما يجب عليهم القيام به نحو أمهم الأرض، وحاضر ومستقبل شعوبهم.
إن هؤلاء القادة الدينيين الذين اجتمعوا من مختلف البلدان، وبمختلف العقائد واللغات والأشكال والهيئات، لم تجتمع كلمتهم في يومٍ ما على أمر ما، كما اجتمعت على المصلحة المشتركة لبني الإنسان، وهي مصلحة بقاء الأرض صالحة من غير إفساد، وهؤلاء القادة لا يتحدثون بألسنتهم خاصة، بل بألسنة من يتبعونهم، ولابد للزعماء السياسيين أن يأخذوا نداءهم الصارخ مأخذ الجد؛ لأن القادة الدينيين ناصحون، وليس لأحد منهم غرض شخصي فيه، بل هي مصلحة عامة يجب أن تقدم على المصالح الخاصة، مهما كانت المبررات الشعوبية أو الاقتصادية.
لقد وفِّق مجلس حكماء المسلمين أيَّما توفيق بحشد القادة الدينيين في هذا المؤتمر لنصرة قضية القضايا المصيرية، هي قضية المناخ، وذلك استلهاماً من اهتمام القيادة الرشيدة بأمر المناخ الذي أصبح مؤرقاً للجميع، ولكن، لا مستجيب ولا مطيع، ما جعلها تستدعي زعماء العالم في القمة القادمة، ليتخذوا قراراً مصيرياً لمصلحة الأرض والإنسانية، فكانت اللبنة الأولى لتوحيد الرؤى السياسية هي لبنة الرأي الديني المؤثر في قرار كل سياسي.
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.