الميدان 19

إبراهيم استادي

من الصعب الحفاظ لسنوات طويلة على مبادرة هدفها إحياء التراث وتعزيزه في نفوس الشباب عاماً بعد آخر، فعلى القائمين عليها أن يكونوا منفتحين على جيل اليوم ومدركين لاهتماماته في زمن صعب، ولكن هل يوجد مستحيل على أرض اللامستحيل؟

حضرت انطلاق بطولة فزاع لليولة «الميدان» في موسمها الـ19، انبهرت بحماسة الشباب وإقبال المراهقين والأطفال مع أهاليهم رغم مرور السنين. لقد استطاع البرنامج أن يقدّم الموروث الشعبي في إطار حديث محبب بصرياً، ومطرب سمعياً، فها هو مطرب الإمارات الأول ميحد حمد يقدم أغنية جديدة بصوته للبطولة هذا العام، أما النقلة النوعية في البرنامج، فهي المهارات التي وجب التنافس عليها منذ النسخة الماضية كسباق الهجن والإلقاء الشعري وغيرهما من المهارات التي تتجدد سنوياً، وكأن البرنامج يعزّز في نفوس الشباب أن مفاهيم كالبطولة والشهامة والهمة والبلاغة وسرعة البديهة واللياقة، خصال يجب أن يتمتع بها الشاب الإماراتي الحريص على هويته الوطنية، وهي خطوة ذكية جداً أثبتت نجاحاً منقطع النظير، والدليل على ذلك هو عدد المتقدمين سنوياً إلى المسابقة قبل التصفيات، والحالة التي أعيشها مع الجمهور على مدرجات المسرح أثناء تصوير الحلقة.

ولابد أن أشير إلى أن «الميدان» يعزّز أيضاً مكانة رموزنا الثقافية، كشعرائنا المحليين وفنانينا الذين يشاركون في كل حلقة بأعمالهم، وصولاً إلى ابن البطولة الأخ راشد الخاصوني، الذي رافق «الميدان» منذ البداية وكبر معه أمام مرأى الجمهور وكان أحد فائزيه، وهو الآن يقوم بالعمل خلف كواليس البرنامج وأمام الكاميرا أيضاً.

هذا مؤشر إلى أن تعزيز الهوية وإحياء التراث يتطلبان أساليب متجددة وقيادة مؤمنة، وهذا الذي لايزال فريق الميدان يقوم بتحقيقه تحت مظلة مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، الذي يقوده عبدالله حمدان بن دلموك، كما أن حضوره المكثف من خلال فيديوهات «المتوصف» على مواقع التواصل ونظام الترفيه على الطائرة خير دليل على هذا الحرص.

جدير بالذكر أن للاستمرارية والتجديد دوراً كبيراً في نجاح أي تجربة وإيصالها إلى مرحلة النضوج ثم الإبداع، وعدم الاستعجال في وأدها، فالبطولة استمرت لعقدين تقريباً ولم تتوقف عند موسم معين، على عكس بعض الأفكار والمبادرات التي يتم إنهاؤها في وقت قصير، رغم قابليتها للتجديد والاستمرارية، وهذا يرجع إلى القيادة المؤمنة وكفاءة الفريق الذي جعل نجاح «الميدان» يتجاوز حدود شاشة التلفزيون ويواكب عصرنا الحالي، ويحافظ على مكانته في نفوس جماهيره.

ibrahimustadi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر