الأغنية الوطنية

إبراهيم استادي

لا أحتاج إلى أن أوضح تاريخ الشعر في منطقتنا وتأثير القصيدة وارتباطها بالإنسان العربي ووجدانه، ولا أحتاج إلى أن أذكر دور الأغنية الوطنية في تعزيز الانتماء العاطفي بالوطن، وبث روح الحماسة في أبنائه. تاريخ الأغنية الوطنية في وطننا العربي يمتد إلى سنين طويلة، وربما أول من اهتم بالأعمال الوطنية وأغدق على جودتها الفنية هو الخديوي إسماعيل، عندما طلب من الموسيقار الإيطالي الكبير «جوزيبي فيردي» أن يؤلف السلام الوطني في 1896، ثم كلفه بتأليف «أوبرا عايدة» في 1871 بمناسبة افتتاح الأوبرا في مصر. مراحل كثيرة مرت بها الأغنية الوطنية إلى أن أصبحت جزءاً من ثقافتنا الفنية كعرب، ويسعى كل فنان أن تكون في رصيده أغانٍ وطنية عدة، وكثير منهم من يؤدي هذه الأعمال من دون مقابل مادي، أو ينتجها على نفقته الخاصة.

في كثير من الدول، تعتبر الأغاني الوطنية موسمية، أي يتم إنتاجها وبثها في أوقات معنية كالمناسبات الوطنية أو عند الأزمات، أمّا في الإمارات، فمشهدنا الفني يتميز بعكس ذلك.

من خلال العمل الإذاعي السابق، وبمتابعة الإذاعات الأخرى في الدولة، وبحكم الوجود في الوسط والاحتكاك مع الفنانين، أستطيع أن أقول بأننا في الإمارات لا يمر شهر دون أن يتم إنتاج أكثر من عمل وطني، سواء من قبل جهة أو أفراد، ويوجد زخم غير عادي لدينا وتوجه وحرص من قبل فنانينا على إنتاجها باستمرار، وأنا أؤكد على «الإنتاج» وليس فقط المشاركة في الأعمال الوطنية الجماعية، رغم أننا في الوقت الذي نعيش فيه لا تبرز الأغاني الوطنية الفنان كالسابق، ولكن الحرص على إنتاج هذه النوعية من الأعمال طوال العام هو مؤشر إيجابي جداً.

الأغنية الوطنية لدينا في الإمارات لا تحتاج إلى أن تفرض إعلامياً لتصل إلى الناس، بل إنها أصبحت كالأغنية العاطفية، لديها رواج وعليها إقبال جماهيري طبيعي، هذا دليل على حب الشعب لأرضه وعشقه لوطنه، فالحب في الإنسان فطرة، وكل من يتذوق الموسيٍٍقى والشعر ويتمتع بإحساس مرهف يستسيغ القصائد والأغاني العاطفية، وبالنسبة لنا، عاطفتنا اتجاه دولتنا كبيرة، وعشقنا أكبر، وهذا يجعلنا نودّ أن نتغزل في بلادنا ونسمع في حبها أجمل القصائد والأغاني، خصوصاً أن قصائدنا الوطنية الإماراتية تكتب بشاعرية عالية جداً، ناهيك عن الأغاني الحماسية التي تحمل طابعاً عسكرياً، فهي تنفذ بإبداع كبير جداً، وقد نجح الكثير منها نجاحاً جماهيرياً منقطع النظير. ومن هنا أوجه تحية لكل فنان حريص على أن يكون الوطن جزءاً من اهتمامه وأرشيفه الفني.

ibrahimustadi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر