جبر القلوب (2)
في المقالة السابقة تحدثت عن جبر القلوب، لكن لايزال في نفسي بقية كلام أود أن أستوفيه في هذا الجزء.
من المهم أن تعلم أن جبر القلوب لا يتوقف على منح مساعدة مالية أو تفريج كربة فقط، وإن كان هو المقصد الأول، فمن جبر القلوب الكلمة الطيبة، التي لها صور متعددة، منها الاعتذار عن تلبية طلب المحتاج متبوعاً بالدعاء الصادق له بالخير وأن ييسر الله له أمره ويكشف عنه كربته، إذا لم تقدر على إعانته.
أو الوعد الحسن بتقديم الخير له إن تيسر ذلك في وقت آخر، أو السعي في قضاء حاجته عند أهل اليسار والغنى بشفاعة حسنة، أو بالدلالة على شخص معروف بتفريج الكرب عن الآخرين.
وكل ذلك كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله، ففي مرة جاءه رجل يطلب ناقة لتحمله، فلم يجد النبي ﷺ شيئاً، فدله على شخص آخر فوفر له ناقة، فقال النبي ﷺ: «الدال على الخير كفاعله».
وقال لأبي الهيثم حينما لم يكن عنده خادم: «فإذا أتانا شيء فأتنا»، فوعده بالخير.
وجعل السعي في قضاء حاجة المحتاج أعظم أجراً من الاعتكاف في مسجد النبي ﷺ مع ما في الصلاة فيه من مضاعفة الأجور.
وقال: «اشفعوا تؤجروا».
إذاً العنوان البارز أن الكلمة الطيبة صدقة، وتأثيرها على النفوس سواء كانت نفوس فقراء أو أغنياء كبيرة، فإذا كان هذا فضلها فلنتحول إلى مقابلها وهي الكلمة السيئة، ولا أقصد منها السب أو الشتم أو العبارات غير اللائقة، فهذا ليس ما أعنيه، ولكن أقصد عبارات وجملاً يتكلم بها بعض الناس ويكون تأثيرها سيئاً على ثقافة العطاء والتصدق، مثل أن يشكك المتكلم في ما تنشر من حالات على الوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية بأنه لا يعلم هل هي مستحقة أم لا، أو يشكك في مصداقية الجهة العارضة لتلك الحالات بعدم العلم أين تذهب الأموال المتبرع بها.
والأصعب من ذلك حال من يلقي التهم بصيغة الجزم، وما علم المسكين أنه صار مغلاقاً للخير بالتشكيك أو بالتصريح، فمنع من انتشار المعروف مع أن الجهات كافة تأخذ بالطرق النظامية المعمول بها، فالجمعيات الخيرية في دولة الإمارات تعمل تحت إشراف جهات رقابية ووفق التشريعات الصادرة بشأن العمل الخيري.
[فليقل خيراً أو ليصمت]
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.