في عرس النوابغ
بعد أن رسّخت دبي مكانتها واحدةً من أهم الوجهات السياحية في العالم إن لم تكن أهمّها، رفعت تحدّياً آخر بقيادة صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتصبح عاصمة عالمية للاقتصاد الإبداعي بحلول عام 2026، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، شهدت ورشة مشاريع ثقافية لا تهدأ، حوّلت الثقافة إلى صناعة، تقوم على مفهوم الاستدامة. ابتداء بإنشاء الصروح الثقافية والعلمية المهمة وتاج درّتها «متحف المستقبل»، وليس انتهاء بالمبادرات الكبرى مثل «تحدي القراءة» و«صنّاع الأمل» وغيرها التي أسهمت بقوة في دفع المنجزات الثقافية في العالم العربي خطوات إلى الأمام.
وبالأمس كنا نشهد حفلاً لتتويج الفائزين في مبادرة «نوابغ العرب» التي أُطلقت قبل عام، وتلقّت آلاف الترشيحات، وهي «أكبر حراكٍ علميّ في العالم العربي، لاكتشاف واستقطاب النوابغ المتميزين في العالم العربي» كما جاء في ديباجة المبادرة، التي يقودها «متحف المستقبل»، بما يمثله من رمزية علمية وثقافية. شملت مبادرة «نوابغ العرب» ست فئات: العلوم الطبيعية، العمارة والتصميم، الهندسة والتكنولوجيا، والاقتصاد، والأدب والفنون، والطب، في تغطية شاملة لكل ما يمس حياة الإنسان. وإذا جاز لنا أن نقارنها بجائزة تحوز مصداقية، فليس أقل من «نوبل» وفي المتوّجين بها في دورتها الأولى الذين جرى الاحتفاء بهم أمس، دليل على القيمة العلمية للمبادرة.
سعدت شخصياً سعادة مزدوجة، أولاً بحصة المرأة من هذا الإنجاز المعرفي، إذ فازت اللبنانيتان نيفين خشاب ولينا الغطمة عن فئتي العلوم الطبيعية والعمارة والتصميم في اعتراف مستحق بإسهامات المرأة في المجالات العلمية، وثانياً بتتويج صديقي الروائي واسيني الأعرج عن فئة الأدب، ولخص صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تهنئته لواسيني إسهاماته الأدبية الكبيرة «حيث قدم أكثر من 30 رواية، ترتبط بالمجتمعات العربية وثقافتها وبيئتها، وتُرجمت رواياته لأكثر من 20 لغة، واعتمدت دراستها في عدد من جامعات العالم» وقد تشرفت باستضافته مرات عدة في برامجي الثقافية، للإضاءة على منجزه الإبداعي السردي.
طموح المبادرة كبير، ويتمثل في تقديم الدعم لـ1000 نابغة في خمس سنوات، لتمكينهم من تطوير أفكارهم، وأداء دورهم الحضاري، وليس هذا الهدف بعيد المنال حين تتزاوج الإمكانات مع الرغبة الصادقة، فمشروع صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في استئناف الحضارة «يبدأ من البحث عن صنّاعها الحقيقيين» كما قال. ولن نجد من هو أجدر بوصف الصنّاع الحقيقيين من «نوابغ العرب».
DrParweenHabib1@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.