مسرح أم القيوين الوطني
وأخيراً أصبح لسكان إمارة أم القيوين الجميلة خشبة مسرح يقيمون عليها العروض والتمرينات المسرحية، وحفلات التخرج والمسابقات المدرسية ومسابقات القرآن الكريم وغيرها من الفعاليات الثقافية والأكاديمية المتعطشة لها المدينة، فالمسرح القديم لم يعد موجوداً والمركز الثقافي الذي بنته وزارة الثقافة لم يعد يضم خشبة مسرح.
المسرح الجديد تابع لمسرح أم القيوين الوطني، ويقع مقابل مستشفى خليفة في منطقة القراين، مبنى راقٍ وجميل ويدار بحب كبير من قبل إدارة الفرقة، ومن يقف وراء هذا الحلم الذي تحقق لمسرحيي أم القيوين هو الفنان الإماراتي القدير سعيد سالم، الذي لم يتردد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في الاستجابة لطلبه بتمويل البناء، وهذا ليس بغريب على سموه فهو «عراب المسرح العربي» والشيء من مأتاه لا يستغرب.
لم تكن رحلة البناء سهلة، ولكن لا شيء يصعب على ابن أم القيوين، الذي كان يقطع سبعة كيلومترات مشياً على الأقدام إلى المدرسة الابتدائية، وأثناء عمله العسكري في أبوظبي كان يقود لست ساعات يومياً ذهاباً وإياباً من أبوظبي إلى مدينته من أجل المشاركة في بروفات مسرح أم القيوين الذي هو أحد مؤسسيه، ولا يمكننا ألا نذكر أنه معجون بالفن منذ طفولته، فوالده من مؤسسي فرقة الفنون الشعبية هناك.
أعطى «بوربيع» من عمره ومن طاقته للفن والثقافة الكثير، ولديه محطات مضيئة في حياته، وبعد حياته العسكرية كرّس وقته للعطاء الوطني الثقافي والفني، وقد منح فرصاً كثيرة لشباب الإمارات من خلال الأعمال التي أدار إنتاجها، والأعمال التي أنتجها لاحقاً، وهو من الفنانين الإماراتيين القلائل الذين قدموا عرضاً مسرحياً أمام الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو أول فنان إماراتي لديه عضوية في المسرح الشعبي في الكويت، ولا أحد ينسى دوره في مسلسل الحيالة الذي يُعد علامة في الكوميديا الخليجية.
شخصيات مثل الفنان سعيد سالم هم ثروة وطنية، ونحن محظوظون بوجودهم في عهدنا، فبجهودهم الكبيرة استطاعوا أن يمهدوا للجيل القادم ويسهلوا ويختصروا مسافات طويلة في مشوارهم الفني من خلال ما بذلوه من جهد وما تمتعوا به من جلد وتحمل لجميع الظروف الصعبة من أجل دعم عجلة الفن الإماراتي. وقليلون جداً من يقومون بهذا الدور الكبير في المجال الثقافي، والذين يتبنون الفن كقضية وطنية وليس فقط من زاوية فردية، والجميع اليوم في انتظار الافتتاح الرسمي لمبنى مسرح أم القيوين الوطني احتفالاً بهذا الصرح. وجدير بالذكر أن هذه الفرقة الوحيدة التي تملك خشبة مسرح خاصة بها.