إنَّ الله كتب الإحسانَ على كل شيء
الإحسانُ اسمٌ عظيم مبارك، يطلق على كل شيء متقنٍ في صُنعه وشكله ووضعه، ومن أسماء الله تعالى الحسنى «المحسن»، سمَّى نفسه بذلك لكثرة إحسانه على خلقه، فهو سبحانه أحسن كل شيء خلَقه، لاسيما هذا الإنسان الذي خلقه في أحسن تقويم، وهو الذي عناه بالأمر بالإحسان بقوله سبحانه: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.
وكم أثنى الله تعالى على المحسنين، وكم أعد لهم من الأجر العظيم، كما دلت على ذلك آيات الذكر الحكيم، بل لم يُعف أحداً من وجوب الإحسان، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله كتب الإحسانَ على كل شيء..»، ومعنى كتب: فرض، أي أن الإحسان فرضٌ على كل من جرى عليه قلمُ التكليف، في كل شأن من شؤونه، فيجب عليه أن يحسن في طهارته وصلاته وصيامه وجميع عباداته، ومعاملاته وتصرفاته؛ مع نفسه وغيره، لاسيما إحسانه لوالديه، فإن الله تعالى خص الإحسان إليهما بالذكر، لعظم ما لهما من الحق، فإن لم يحسن كان مسيئاً؛ لأن الإساءة ضد الإحسان، وقد قال سبحانه: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾، أي فيُجازى بإساءته، وجزاء الله تعالى الموعود ثواباً أو عقاباً ليس كجزاء المخلوقين، بل هو جزاءٌ عظيم، أو أليم، وقد وعد سبحانه أنه سيجزي المحسنين، ومفهومه أنه يعذب المسيئين، فإن الجزاء يكون من جنس العمل.
وكفى بالإحسان شرفاً وفضلاً أن الله تعالى يحب المحسنين، كما كرر سبحانه ذلك مراراً في كتابه العزيز، وإذا كان الإحسان يوجب محبة الله تعالى لعبده الضعيف، فإنه يكون قد نال خيري الدنيا والآخرة؛ لأن المحِب يدني حبيبه ويجزيه ويهديه، ويزيده من فضله، وينيله مبتغاه، في دينه ودنياه.
وقد يكون كل هذا معلوماً لدى الكثير من الناس، ولكنهم يقصرون في السعي إليه، إما غفلة أو حرماناً، والواجب على الإنسان أياً كان أن يكون مبادراً إلى الإحسان طمعاً في ما عند الله تعالى من المحبة والجزاء، أو على الأقل طمعاً في مودة الناس ومجازاتهم له بمثله، إذا لم يكن له في الآخرة من خلاق، كما قالوا: الإنسان عبد الإحسان.
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.