رمزية المنارة في التاريخ والأدب
كانت المنارة، بوجودها الشاهق ونورها الهادئ، رمزاً قوياً في التاريخ والأدب، تمثل موضوعات مختلفة، مثل الهداية، والتنوير، والوحدة. عبر الثقافات والعصور المختلفة أسرت المنارة خيال الكتّاب والقراء على حد سواء.
وبالإضافة إلى دلالتها الرمزية، تُصوَّر غالباً المنارة أيضاً كمكان للوحدة والتأمل. في الأدب، تسعى الشخصيات إلى المنارة بحثاً عن الراحة والتأمل، ما يسلط الضوء على دورها كملجأ من فوضى العالم الخارجي.
في رواية فيرجينيا وولف To the Lighthouse «إلى المنارة»، تُمثِّل المنارة السعي وراء الفهم والمعنى في الحياة. الشخصيات في الرواية تتوجه نحو المنارة، بحثاً عن إجابات لأسئلتهم، ومحاولة فهم معنى وجودهم.
في الرواية يُعد الضوء في المنارة مصدراً مرغوباً للقوة والمعرفة؛ تستعدّ الشخصيات لفعل أي شيء لامتلاكه. هذه الرغبة في القوة والمعرفة تؤدي في النهاية إلى سقوطهم، تماماً، كما أدّت أفعال بروميثيوس إلى غضب الآلهة عليه والبطش به لتهريبه النار إلى بني البشر.
في تاريخ الإسكندرية، كانت المنارة شعلة مشعّة، تنير طريق المعرفة والتجارة للسفن التي تعبر البحر الأبيض المتوسط. كتمثال تذكاري شامخ، ارتفعت عن الأرض، دليلاً على براعة الإنسان وطموحه. ضوؤها، شعلة تراقصت في الظلام، وجهت البحارة بأمان إلى الشاطئ، تماماً كما جذبت مدينة الإسكندرية العلماء والشعراء من كل حدب وصوب.
زار ابن بطوطة المنارة في عام 1326، ووجد «واجهة واحدة منها في حالة خراب»، ومع ذلك كان يمكنه الدخول، ولاحظ وجود مكان لحارس المنارة للجلوس والعديد من الغرف الأخرى. وعندما عاد في عام 1349، «وجد أنها قد سقطت في حالة خراب، لدرجة أنه كان من المستحيل الدخول إليها أو تسلق الباب الخشبي».
تظل المنارة رمزاً مدنياً لمدينة الإسكندرية. يُظهر تمثيلاً مُبَسَّطاً للمنارة على علم وختم المدينة، بما في ذلك ختم جامعة الإسكندرية.
كانت منارة الإسكندرية واحدة من عجائب الدنيا السبع القديمة. ومع ذلك، مثل كل الأعمال العظيمة، واجهت المنارة أيضاً تداعيات الزمن والطبيعة، وانحسرت تحت أمواج البحر، محافظة على إرثها في سجلات التاريخ، وخيال الذين لايزالون يبحثون عن الضوء الذي ألقته مرة واحدة على العالم القديم.
باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.