التجربة صغيرة لكن الفرق كبير
لم تتوانَ وزارة الاقتصاد في دعوة الشركات إلى اعتماد الأسعار القديمة لمواد البناء بعد رصدها لارتفاعها على خلفية تأجيل تطبيق القرار المتعلق بأوزان وأبعاد المركبات الثقيلة، وحذرت من اتخاذ إجراءات ضد أي زيادات غير مبررة في الأسعار، وفرض عقوبات مالية على المخالفين قد تصل إلى مليون درهم، حيث تعكس هذه الخطوة صرامة القانون الإماراتي في حماية حقوق المستهلكين.
عند قراءتي لهذا الخبر، حضرتني قصة أحد الأصدقاء المقيمين في الدولة منذ أكثر من 15 سنة من دولة عربية شقيقة، إذ إنه مع بداية العام الجاري قرر إتمام أعمال التشطيب والتصميم الداخلي لشقته في بلده، والتي تملّكها منذ سنوات ولم يهتم بها لقلة إجازاته في بلده الأم.
يقول إنه فوجئ بالأسعار التي ارتفعت بشكل لا يتقبله العقل والمنطق معاً، وما لفت انتباهه ودهشته أنه في يوم ما وهو في أحد المعارض لاختيار المواد المطلوبة إذا بموظف المبيعات يقوم بتغيير الأسعار المعروضة بأسعار جديدة مرتفعة بنسبة 50% و100%، فيقول سألته مستغرباً: «لما هذا التغيير الآن؟»، فأجاب الموظف بأن الأسعار هنا تتغير يومياً، وأخبره بالإسراع بحجز الكمية المطلوبة ودفع مبلغ الحجز حتى لا ترتفع الأسعار غداً، وعليه إكمال المبلغ المطلوب قبل نهاية الشهر، لأنه مع بداية أول الشهر الجديد سترتفع الأسعار كذلك.
يقول صديقي إنه استغرب هذا المنطق المتداول في جميع المحال والمعارض، وكيف لعميل يقوم بحجز كمية على السعر القديم، لكن مالك السلعة يطالبه بدفع فرق السعر الجديد المرتفع.
يضيف أنه قام بشراء بعض المواد وقرر شراء البقية من دولة الإمارات وشحنها إلى بلده، وتوجه فعلاً للمحال المتنوعة في الإمارات التي قد كان زارها سابقاً لأخذ فكرة عنها ووجد أن الأسعار كما هي لم تتغير، فسأل عن عدم تغير الأسعار، ليخبره الموظف بأن هذا سعر المخزون القديم والقوانين هنا تمنع تغييره إلى أن ينتهي ويتم استيراد شحنات جديدة يتم تسعيرها وفق الكلفة الجديدة للشحن ورسوم أخرى.
في الحقيقة هناك نقاط كثيرة نجحت فيها الإمارات وربما لن تنجح فيها دول أخرى، القانون الصارم في تسعير مواد البناء، التنوع والجودة في المواد، الاستقرار الاقتصادي واستقرار العملة مقارنة بالدولار ما يدعم القدرة الشرائية فيها.. هي تجربة صغيرة حقيقية تكشف الفرق الكبير بين سوق مواد البناء في الإمارات ودول أخرى. التجربة صغيرة لكن صدقاً الفرق كبير جداً.
ismailalhammadi@
Ismail.alhammadi@alruwad.ae
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.