صقر الرشود
نهاية الأسبوع الماضي شهد أهل الخليج فرحة الكويتيين بالعيد الوطني، وهي مناسبة غالية جداً على قلوبنا جميعاً كخليجيين، لما للكويت في قلوبنا من مكانة، وما لها ولأهلها من بصمة واضحة لا تختفي في تاريخ المنطقة سياساً وثقافياً واقتصادياً، ومن هنا لابد أن آتي على ذكر شخصية محورية لها فضل كبير في النقلة التي شهدها المسرح الإماراتي في مرحلة السبعينات.
صقر الرشود، رحمه الله، سندباد الفن الذي عاش فترة طويلة من حياته متنقلاً بين الدول، وله تجربة عمل في التربية والتعليم والإعلام، بالإضافة إلى تجربته الفنية المهمة والمؤثرة جداً رغم رحلة حياته التي انتهت بسرعة.
عندما انتدب صقر الرشود إلى الإمارات كخبير للمسرح، كان هذا قراراً حكيماً جداً ولكنه غير مستغرب في وقتها، فالإمارات كانت تشهد مرحلة طفرة فنية جلية على مستوى الفنون الأدائية ليس كمثلها مرحلة إلى يومنا هذا، وكان له - رحمه الله - دور ليس في تأسيس الصف الأول من فناني الإمارات المسرحيين فحسب، بل زرع الثقة في نفوسهم لتقديم فنهم على الخشبة، وزرع ثقة الجمهور في الفنان الإماراتي أيضاً، وعمل بكل حب تاركاً سمعة من ذهب في الأوساط الثقافية الخليجية، وأثراً طيباً في نفس كل من تعامل معه حتى إنه وضع مع الفنان القدير الراحل زكي طليمات منهجاً ومخططاً للمسرح الإماراتي ومستقبله وتطوره.
كان يتمتع بـ«كاريزما» عالية جداً وبحضور طاغٍ تستطيع أن تلمسه إذا شاهدت شيئاً من مسلسلاته ولقاءاته على الإنترنت، هذا بالإضافة إلى الثقافة والوسامة واللباقة. هذه الشخصيات تعتبر نادرة في الوسط الفني ولا تتكرر كثيراً إلا كل عقدين أو ثلاثة، وهنا أستشهد باللقاء الذي أجريته مع الفنانة القديرة أسمهان توفيق التي ذكرت أنه جمعتها علاقة حب جميلة وبريئة ومحترمة مع صقر الرشود كان من المفترض أن تتكلل بالزواج لولا رفض الأهل الذي حصل جراء الأفكار الاجتماعية السائدة حول الفن في ذلك الوقت.
للأسف في 25 ديسمبر من عام 1978 فُجع الوسط الفني الخليجي بوفاته إثر حادث سيارة هنا في الإمارات وهو ابن 37 عاماً تقريباً، ورغم رحيله في هذه السن المبكرة فإن إنجازاته الفنية وبصمته مازالت حاضرة في تاريخ الفن الإماراتي. رحم الله صقر الرشود.