وأقبل رمضان
أقبل علينا شهر رمضان بثوبه القشيب المتجدد بنفحات ربانية ونسمات إيمانية تتخلخل إلى القلوب الظامئة، لترتوي من معين الطاعات والخيرات، فرمضان شهر كريم بالنعم، غزير بالأجور والحسنات، تتبلد عقول من يريد إحصاء آلاء رمضان ونعمه على الفرد والمجتمع فهي كثيرة لا تحصى.
فعلى صعيد المجتمع، فإن النفوس تهدأ بعد جموح، والقلوب تلين بعد قسوة، والعقول تفكر وتتأمل بعد غياب وغفلة، فيلحظ الصائم بركة في الوقت، وسعة في القلوب لاحتواء الآخرين بالإحسان والعطاء والنصح والمؤاخاة، فتزول العداوات وتسود المحبة ويحصل التآلف بعد طول مصارمة وانقطاع.
وعلى صعيد الفرد، فإن الإقبال على الطاعات ملحوظ، وقضاء الساعات الطوال في قيام وتراويح وقراءة قرآن مشهود، فلو لم يكن لرمضان فضل إلا الاتصال مع الله تعالى في النهار بالصيام وبالليل بالقيام لكفاه منزلة وفضلاً، ولكن فضائله كثيرة ومناقبه عديدة، وكان المحروم من اغتنام ساعاتها جدير بالحرمان، لأنه فرّط في كنز ثمين لا يفرط فيه العقلاء.
فلنغتنم معاشر الصائمين هذا الشهر بالعمل الخيري، فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، أجود الناس في رمضان خاصة دون سائر الشهور، فجوده يزيد في هذا الشهر لمكانة رمضان، وطاعات شهر رمضان المنصوص عليها أربعة هي الصيام والقيام وقراءة القرآن والصدقة، فاجعلها في جدولك اليومي، ويدخل في معنى الصيام إطعام الصائمين ليؤدوا هذه الفريضة مع جموع الصائمين، وأما الصدقة فبابها رحب فسيح يشمل زكاة المال وزكاة الفطر ونوافل الصدقة بتفقد الفقراء والمعوزين، وإسعاد المدينين والمكلومين بسد ديونهم وفك كربهم وتفريج همومهم.
فموائد الرحمن المتوزعة في المساجد سبب لاستجلاب البركة في رزق المتصدقين، وامتلاء المساجد بجموع المصلين والمصليات مؤشر لانتشار الخير في البلاد، فلنعمل على أن يكون هذا الشهر استثنائياً، ويمكنك تقدير ذلك في عدد الساعات التي قضيتها في طاعة الله.
وشهر رمضان أعظم فرصة للعاملين في القطاع الخيري، فهم يشتركون مع الناس في عموم الطاعات، ويتقدمون عليهم في عدد من الطاعات، منها الإشراف على موائد الإفطار والتأكد من وصول الوجبات وسلامتها، ويستلمون أموال الزكاة فيتأكدون من إحصائها وإدخالها في البنود المخصصة لها، ويسهرون الليالي في توزيع زكاة الفطر نيابة عن المزكين تبرئة لذمتهم الشرعية، وغيرها من الأعمال الخيرية الكثير.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.