نجوم يمثّلون «علينا»!
شاءت الأقدار قبل أزيد من ربع قرن في سنة 1998 أن ألتقي الفنان الكبير أحمد زكي صدفة في بهو فندق جورج الخامس بباريس، وكنت يومها أخطو خطواتي الأولى مذيعةً ومقدمة برامج في تلفزيون البحرين، اندفعتُ بفضول الإعلامية لأسأله عن السينما المصرية الجديدة، فجرّنا الحديث إلى نجومية بعض الممثلين آنذاك، فكأن هذه القضية لاقت هوى في نفس أحمد زكي، حيث استرسل يفسّر لي الفوارق الدقيقة بين الممثل والنجم، ضارباً أمثلة من السينما العالمية، احتراماً منه لمجايليه، فكان من رأيه أن آل باتشينو نجم يتمتع بموهبة كبيرة بعكس نجومية ريتشارد غير التي لا تتناسب مع تمثيله، ويومها أعطيته مثلاً مقارباً عن ميريل ستريب النجمة والممثلة مقابل ديمي مور التي أرى تمثيلها أصغر من نجوميتها فضحك موافقاً.
تذكرتُ هذا اللقاء وأنا أتابع المسلسلات الرمضانية فأرى حشداً من النجوم، وبعضهم قادم من تخصصات بعيدة عن التمثيل ولم يدرسوه إلا في «كورسات» بسيطة هذا إن فعلوا، وبعضهم الآخر صنعتهم فورة «السوشيال ميديا»، فيتأكد لديّ ما كنت أعتقده دوماً من أن التمثيل شيء والنجومية شيء مختلف وإن اجتمعا في أشخاص موهوبين مثل نور الشريف وأحمد زكي من الرجال أو نيللي كريم ومنى زكي من النساء. ومثال آخر يوضح ما أقصده عن محمود المليجي فقد كان ممثلاً متمكناً لم يتقن أحد مثله أدوار الشر، ولكن طيلة مسيرته التي أنجز فيها 500 عمل فنّي لم يلامس النجومية التي وصل إليها رشدي أباظة الذي كان حتماً أقل موهبة منه في التمثيل.
وما نشاهده من استعانة المنتجين للمسلسلات والمخرجين بنجوم «السوشيال ميديا» ومؤثريها هو استثمار لنجوميتهم لا لموهبتهم التمثيلية، فكثير منهم ولا أعمم لا يفرق بين ستانسلافسكي أحد آباء المسرح الحديث وسواروفسكي رواد المنتجات الكريستالية. وليس هذا تقليلاً من شأنهم، بل دعوة لهم لبذل جهد في مهنة تتطلب موهبة ودراسة، ومقارنة بسيطة بين أمل عرفة الممثلة ونادين نجيم النجمة نستطيع أن نفهم منها ما معنى أن تكون الممثلة خريجة «المعهد العالي للفنون المسرحية» إلى جانب موهبتها الفطرية أو أن تكون قادمة إلى التمثيل من عالم مسابقات الجمال. وكم هو صحيح تلخيص الممثلة الأردنية نجلاء عبدالله التي تميّزت في الأدوار البدوية للحكاية حين صرّحت مرة: «نجم السوشيال ميديا لا يدرك معنى أن أبكي في أحد المشاهد الفنية لأنه يستخدم في المشاهد المتعلقة به قطّارة الدموع».
DrParweenHabib1@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.