المؤثّرون.. من الإعلان إلى الإعلام!
حين دعيتُ، الأسبوع الماضي، للمشاركة في «ملتقى الفجيرة الإعلامي»، لإدارة جلسة حوارية بعنوان «رواد التواصل الاجتماعي.. سفراء بلا سفارات»، لم يسعني التخلّف، لسببين: أولهما معرفتي المسبقة بجدّية هذا الملتقى وأهمية الموضوعات التي تطرح فيه، خصوصاً أنني واكبته منذ أن كنت عريفته في دورته الأولى، وثاني الأسباب أن شعار الملتقى لهذا العام كان عن الإعلام الموازي، وهذا الموضوع يشغل فكري منذ مدة.
حاولت أن أشاكس ضيفاتي الثلاث، وهنّ من رواد «السوشيال ميديا»، لكن من أجيال مختلفة، فلي رأي أختلف فيه مع من يرى أن ما يقدّمه مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي هو إعلام، بل أراه – مع وجود بعض الاستثناءات – إعلاناً عينُه على زيادة المتابعين وحصد الإعجابات لمضاعفة العائدات، ولأجل المال والشهرة لا وجود للضوابط التي تحكم ما أصبح يسمّى الإعلام التقليدي، فلا مشكلة الآن في تقديم المعلومة المغلوطة، ولا في نشر حياة المؤثرين وحياة الآخرين على حبل المنصات، ولا في افتعال الفضيحة والعداوة والكذب لأجل استقطاب الاهتمام.
هذا الملتقى الذي ضمّ طيفاً واسعاً من المنشغلين بالإعلام والمشتغلين به، سواء من المخضرمين، مثل هالة سرحان ونيشان وزافين، أو من صناع المحتوى الجدد، كسيف الذهب ومريم الياسي، كان فرصة لمحاولة إيجاد نوع من التكامل بين الإعلام بمفهومه الكلاسيكي وما أصبح يسمى الآن إعلاماً بديلاً أو جديداً أو موازياً. أي بين من يمتلكون الخبرة والمعرفة وكثير من الضوابط الأخلاقية، ومن يمتلكون التقنية والحماسة وسرعة الوصول إلى أعرض شريحة من المتلقّين، ما الذي يمنع رواد هذا الإعلام الموازي أن يكونوا سفراء أيضاً للمعلومة الصحيحة ونشر الوعي والتأثير على المجتمع إيجابياً، دون أن نطالبهم بالتخلّي عن عرض «البراندات» واستعراض حتّى ما يتعلق بحياتهم الشخصية، ما دام جمهورهم «عاوز كده»؟
وكم كان دور بعض المؤثرين جميلاً وراقياً أثناء الأمطار الأخيرة، متكاملين مع الإعلام الرسمي والتقليدي في مساعدة المتضررين وتنبيه السكان. وفي هذا التصرف إحساس عالٍ بالمسؤولية، أعطى المؤثّر في وسائل التواصل دوراً إعلامياً حقيقياً يفيد مجتمعه.
أخذت بهاتفي الذكي - وأنا أتجول في «متحف الإعلام القديم» أثناء انعقاد الملتقى - صوراً للمذياع ومسجلة البكرة وكأني أصوّر ديناصورات منقرضة، متمنّية بصدق أن لا يختفي المضمون الجميل والمفيد والمحترف مع انقراض أدواته المادية. ويا خوفي أن يطابق «الإعلام الموازي» اسمه، فقد تعلمنا صغاراً في المدرسة أنّ الخطين المتوازيين لا يلتقيان أبداً.
DrParweenHabib1@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.