الحصان: رمز القوة والحرية والتحول في الأدب العالمي

د. كمال عبدالملك

الخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي

وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ

(أبوالطيب المتنبي)

يجسّد الحصان، ذلك الكائن النبيل والمهيب، رموزاً متعددة في الأدب العالمي. من الأساطير القديمة إلى الروايات الحديثة، كان الحصان رمزاً للقوة والحرية والتحول.

في الأدب اليوناني القديم يظهر الحصان كرمز للقوة والبطولة، كما في «الإلياذة» لهوميروس، حيث يرمز الحصان «الطروادي» لبراعة الإغريق.

في الأدب الأوروبي في العصور الوسطى، تُصور الخيول كرفقاء للفرسان، مجسدة قيم الفروسية مثل الشجاعة والشرف. في أساطير الملك آرثر، تكون خيول الفرسان مثل السير لانسلوت أسطورية مثل الفرسان أنفسهم، ما يعزز الفكرة بأن الفارس الحقيقي لا يمكن فصله عن حصانه.

في الأدب الأميركي، يمثل الحصان الحرية والطبيعة البرية. في أعمال كورماك مكارثي، تمثل الخيول البرية روح الغرب الأميركي غير المروّضة. في رواية All the Pretty Horses (كل الخيول الجميلة)، يرتبط البطل جون غريدي كول بالخيول ارتباطاً عميقاً، ما يرمز إلى رغبته في الحرية. في ثقافة سكان أميركا الأصليين، يُصور الحصان كحيوان يمثل ارتباطاً روحياً بالطبيعة، كما في رواية House Made of Dawn (1968) (بيت مصنوع من الفجر للكاتب ن. سكوت موماداي.

في الأدب الصيني الكلاسيكي (رحلة إلى الغرب)، يتحول ملك القرود سن ووكونغ إلى حصان أبيض لمساعدة معلّمه، ما يرمز إلى القدرة على التكيف لتحقيق هدف أكبر.

وفي الأدب الروسي، تحتوي رواية «آنا كارينينا» لتولستوي على مشهد سباق خيل يعكس السعي المتهور للبطل فرونسكي وراء الحب والطموح.

أما الحصان العربي فإنه يحتل مكانة فريدة ومرموقة في الأدب والثقافة العربية، والعلاقة بين العربي وحصانه عميقة، تشبه العلاقة بين أفراد العائلة. في الشعر العربي الكلاسيكي، مثل المعلقات، يُحتفى بجمال الحصان العربي، وتحمّله وولائه، حيث يصبح رمزاً للنبل والشجاعة أو كرفيق مخلص، كما في حكايات عنترة بن شداد وحصانه الأبجر.

في الثقافة العربية المعاصرة، لايزال الحصان العربي رمزاً قوياً للتراث والهوية. سباقات الخيل وتربية الخيول هي أنشطة شائعة، مع فعاليات مثل كأس دبي العالمي التي تجذب اهتماماً دولياً. هذه التجليات الحديثة لتقاليد الفروسية تعكس الإرث الدائم للحصان العربي في المجتمع العربي.

يؤكد الحضور المستمر للحصان في الأدب أهميته العالمية وجاذبيته، ويظل الحصان يركض، حاملاً معه ثقل قرون من الرمزية والمعاني، مذكراً إيانا بالقوة والحرية وإمكانية التحول.

باحث زائر في جامعة هارفارد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر