قبل ادعاء الضرر

نقرأ كثيراً في دعاوى مدنية عبارة «الضرر الأدبي» دون أن نستوعب المقصود بها، إذ تتعلق بالجانب المعنوي عكس الضرر المادي.

وعلى سبيل المثال، في إحدى الدعاوى تعرّض موظف لإساءة من مديره، تمثّلت في اتهامه بالتزوير والكذب، وانتشر ذلك في محيط العمل، ما سبب للموظف ضرراً أدبياً ومعنوياً بالغاً دفعه إلى اللجوء للقضاء، وحكم له فعلياً بالتعويض.

لكن في قضية أخرى قاضى شخصان مطعماً وطلبا تعويضاً قيمته 100 ألف درهم عن ضرر أدبي أصابهما، بدعوى وجود حشرة في وجبة، مشيرين إلى أن ذلك أثار اشمئزازهما وأصابهما بالغثيان وأثّر في شهيتهما انطلاقاً من ذلك اليوم، لكن انتهت المحكمة إلى أن ما أورداه في هذا الصدد مجرد أقوال مرسلة لا سند لها في الأوراق، ورفضت الدعوى.

وانطلاقاً من ذلك، وقبل اللجوء إلى القضاء في مثل هذه الدعاوى، يجب أن نُدرك أن مبدأ المسؤولية عن الفعل الضار من المبادئ المهمة التي ينص عليها قانون المعاملات المدنية، ويتعلق بتعويض «المضرور» عما تعرض له من خسارة وما فاته من كسب، سواء كان الضرر مادياً أو أدبياً.

والضرر الأدبي هو كل ما يمس الكرامة أو الشعور أو الشرف، ويمتدّ إلى الآلام النفسية التي يعانيها الشخص نتيجة ما تعرض له من أذى.

وبحسب قانون المعاملات المدنية، فإن كل إضرار بالغير يُلزم فاعله - ولو غير مميز - بالضمان أو ما يعرف بالمسؤولية التقصيرية، التي لا تنشأ إلا بتوافر ثلاثة أركان، الأول الفعل الإيجابي أو السلبي الذي ينتج عنه الخطأ، والثاني الضرر، والثالث توافر علاقة سببية بين الفعل والضرر، أي لابد أن يثبت أن الضرر الذي لحق بـ«المضرور» كان بسبب الفعل المرتكب، وهو ما استطاع المدعي في القضية الأولى إثباته، فيما عجز عنه المدعيان في الدعوى الثانية.

ولمحكمة الموضوع تقدير الضرر في حال ثبوته، وتحديد التعويض الجابر له، إذ إن القانون لا يتضمن معياراً حسابياً لتقدير التعويض، بل أعطى المحكمة السلطة التقديرية الواسعة في ذلك.

وأورد قانون المعاملات المدنية أمثلة لأنواع الضرر الأدبي تبيح طلب التعويض، منها التعدي على الغير في حريته، أو عرضه أو شرفه أو سمعته، أو مركز الاجتماعي واعتباره المالي.

 محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر