تنين آسيا

فيصل محمد الشمري

إن ما يجمعنا مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة لا يرتبط بعلاقات ثنائية تاريخية راسخة فحسب، حيث إن مرور أربعة عقود على تأسيس العلاقات الدبلوماسية في 1984، يبين أن تفعيل الشراكة الاستراتيجية الشاملة، جاء كتطور طبيعي لعلاقة بين دولتين ترمزان ليس فقط لبعد حضاري وثقافي آسيوي، بل ولعمق اقتصادي مؤثر، ونمو مستويات الشراكة في الاقتصاد والتجارة، والطاقة، والخدمات اللوجستية، والسياحة، والتكنولوجيا، والفضاء، لتصل إلى أعلى مستوياتها، متحولة من علاقات زمنية محددة إلى شراكات استراتيجية فاعلة ومتجددة.

لقد بلغ إجمالي التجارة غير النفطية في عام 2023 نحو 80 مليار دولار، ليعكس نمواً متزايداً ومستداماً لتطور الشراكة الإماراتية الصينية. كما أن تزايد عدد الرحلات المباشرة الأسبوعية إلى الصين لشركات الطيران الإماراتية ليبلغ 45 رحلة، فضلاً عن 57 رحلة أسبوعية لشركات الطيران الأجنبية، يظهر النمو الكبير في قطاع النقل الجوي، كدلالة ومؤشر حيوي على تطور العلاقات الاستراتيجية والدبلوماسية والاقتصادية والصناعية وحتى السياحية. ومع بلوغ عدد الزوار الصينيين للإمارات العام الماضي 769 ألفاً و435 زائراً، والمقيمين 72 ألفاً و245 مقيماً، والطلاب 3936 طالباً، فإنه يمكن رصد تحول مدن الدولة إلى وجهة اقتصادية وسياحية وحتى تعليمية مفضلة، ناهيك عن اعتمادها كبلد آمن ووجهة مفضلة للأسر الصينية.

هذا النموذج من الصداقات المتينة والعلاقات الدبلوماسية الوثيقة، المبنية على الثقة والاحترام المتبادل، يعكس نضجاً دبلوماسياً نادر الوجود في يومنا هذا، ونموذجاً إنسانياً لطبيعة العلاقات المثلى بين الدول. كما أن نمو التبادل الثقافي يعزز هذه العلاقة، ويطورها لأجيال تالية. ومع تزايد الناطقين باللغة العربية في الشعب الصيني، وكذلك متحدثي اللغة الصينية وبطلاقة بين مواطني ومقيمي دولة الإمارات، فإن هذا لن يعزز التبادل الثقافي وحسب، بل سيطور من العلاقات الاستراتيجية والتجارية والصناعية والتعليمية، فالتبادل الثقافي هو حجر الزاوية في نمو العلاقات.

كما أن المتابع للنمو الاقتصادي وأعداد الأثرياء من الأفراد والشركات العملاقة، سيلاحظ أهمية التكامل الاقتصادي بين الصين والإمارات، فضلاً عمّا يتم من مبادرات واستراتيجيات وشراكات، وسيرى أن قيادتنا تربط الأفعال بالأقوال، وبإذن الله، ستكون الإمارات دولة المستقبل، وطن الجميع، نموذجاً عالمياً للتسامح، وتعدد وتنوع الثقافات في نموذج حضاري إنساني فريد ومستدام، يستحق التدريس، وأن يكون جزءاً من نموذج المعرفة الإماراتي القابل للنقل للدول الصديقة والشقيقة.

*مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
 

تويتر