هل تريد محاورة هيكل؟

لنتصوّر أنفسنا نحاور غسان تويني أو حبيب الصايغ أو هاني نقشبندي أو حتى محمد حسنين هيكل، رحمهم الله، لنسألهم عن آرائهم في أحداث وقعت بعد وفاتهم. مهلاً! هذا ليس خيالاً علمياً بل واقع ملموس شهدته «حديقة الذكاء الاصطناعي» المصاحبة لفعاليات «قمة الإعلام العربي» التي أنهت أعمالها في دبي الأسبوع الماضي.

هذه الحوارات التفاعلية - صورةً وصوتاً - مع إعلاميين كبار رحلوا عن عالمنا ليست سوى ما يظهر من جبل الثلج في مجال الذكاء الاصطناعي، لذلك كانت هذه القمة مختلفة عن سابقاتها، فقد شهدت خطوة ضرورية كان لابد منها حتى لا نعيش خارج عصرنا، فبتوجيهات من سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي رئيس مجلس دبي للإعلام، أعلنت «دبي للإعلام» إطلاق «أكاديمية دبي للإعلام» لتكون بوصلة حقيقية للعمل الإعلامي في دبي، فلا جدال في أن وسائل التواصل الاجتماعي قد غيّرت حياتنا، بل صنعت للبعض منا حياة افتراضية موازية هي في المشهد الإعلامي أشد تجلياً، فتراجعت الصحف لحساب المواقع، والقنوات لصالح المنصات، وكادت الإذاعة تتلاشى أمام «البودكاست»، فهؤلاء المواليد الجدد الذين يكبرون بسرعة مذهلة، مسلحين بحيوية أكبر، وحاضرين دائماً حيثما توجد الحاجة إليهم، جعلوا الإعلام الكلاسيكي مكتوباً ومسموعاً يتراجع وبسرعة الضوء أمام قوة وفاعلية الإعلام الجديد والوسائط الرقمية.

وليست القضية الأساسية الآن من يغلب من، بل كيف يستفيد كل نمط إعلامي من الآخر، فمازلتُ أردد دائماً: ليكون لدينا إعلام حيوي وفعال يجب أن يتعلّم مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي من الإعلاميين الحقيقيين مهنيّتهم، كما أنه من المفروض أيضاً أن يتعلم هؤلاء الإعلاميون من مؤثري الـ«سوشيال ميديا» حيويتهم، لذلك كان من الأهداف المعلنة لإنشاء «أكاديمية دبي للإعلام» إعداد جيل جديد من الإعلاميين يتقن أساليب العمل الحديثة وعلى رأسها برامج الذكاء الاصطناعي التي أنا على يقين أنها وخلال وقت أقرب مما نتصور ستصبح العمود الفقري الذي يعتمد عليه جسد الإعلام الجديد، ولكن حتى هذه التقنيات المذهلة لا تستطيع أن تحل محل الإبداع الفردي الخلّاق لذلك تقدم الأكاديمية عصارة الخبرات الإعلامية لجيلٍ شابٍّ يمتلك التقنية والحيوية والجمهور وينقصه التكوين الجيد القائم على دعامتين: أخلاقية المهنة والمعرفة.

وفي «قمة الإعلام العربي» قدمت «أكاديمية دبي للإعلام» ورشاً وجلسات حوارية عن صناعة المحتوى وتطبيقات الذكاء الاصطناعي شكلت مؤشراً استشرافياً إلى أن دبي ستكون قِبلة الإعلام الجديد، وهي التي اعتادت بقيادتها الرشيدة تحدي المستحيل.

DrParweenHabib1@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

الأكثر مشاركة