أيهما أفضل.. أن تكون موهوباً أم محظوظاً؟

د. كمال عبدالملك

الشهرة والنجاح ليسا بالضرورة نتيجة موهبة خارقة، وفقاً لكاس ر. سنستاين الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة هارفارد. في كتابه القادم «كيف تصبح مشهوراً»، يدرس سنستاين مسارات نجاح الأفراد والفِرَق الموسيقية والأفلام وحتى اللوحات الفنية.

يؤكد سنستاين أن الاعتقاد السائد بأن النجاح يأتي فقط نتيجة جودة استثنائية هو مفهوم خطأ، بينما تكون المهارات والموهبة عوامل مساعدة، إلا أنها ليست كافية وحدها للوصول إلى قمة النجاح. نجاح البيتلز، على سبيل المثال، لم يكن نتيجة موهبتهم فقط. كانوا بحاجة إلى شبكة من المعجبين المتحمسين، إضافة إلى لحظات حاسمة، مثل دعم بعض الموظفين في EMI لتسجيل ألبومهم الأول، بعد أن رفضتهم شركات تسجيل عدة.

حتى لوحة «الموناليزا» لم تصبح مشهورة فوراً، فسَرِقتها في عام 1911 كانت عاملاً حاسماً في بروزها كأشهر لوحة في العالم.

في مقابلته، خَلُصَ سنستاين إلى أنّ الشهرة ليست مسألة حظ أو عشوائية بحتة، بل تعتمد على تفاعل عوامل عديدة. هذه المقابلة جعلتني أفكر في مسألة الموهبة وعشوائية الحظ والشهرة في مجال أدبنا العربي الحديث. لو تحدثنا عن المسرح فسنذكر توفيق الحكيم ويوسف إدريس، وقد نضيف علي سالم ورشاد رشدي، ولكن من منّا يذكر إبراهيم رمزي (ت. 1949) الذي ترك لنا نحو خمسين كتاباً بين تأليف وترجمة، وألّف المسرحيات التاريخية والاجتماعية الكوميدية التي تناولت مشكلات اجتماعية وأخلاقية مصرية.

وهل مازلنا نذكر محمد عبدالحليم عبدالله، الكاتب الروائي الذي ترك لنا أعماله المعروفة «غصن الزيتون»، «بعد الغروب»، «شمس الخريف»، «الجنة العذراء»، «شجرة اللبلاب»، و«البيت الصامت»؟

وماذا عن رواية «البيرة في نادي البلياردو» لوجيه غالي التي وصفت بكونها «أفضل رواية كتبت عن مصر»، والتي حظيت بمراجعات إيجابية وأهمية مستمرة، تعكس الأوضاع المصرية المعاصرة بعد 2011؟

باختصار، الموهبة وحدها لا تصنع الشهرة، فالأشخاص الناجحون غالباً ما يستفيدون من دعم متحمس وشبكة من المعجبين. ومع ذلك، هناك العديد من الأشخاص الموهوبين الذين لم يحصلوا على الفرصة المناسبة، أو ولدوا في ظروف غير مواتية لتحقيق إمكاناتهم.

* باحث زائر في جامعة هارفارد

تويتر