ذكاء الصناعة أم صناعة الذكاء؟
شهد العالم تطوراً سريعاً ومتنامياً في مجال تكنولوجيا المعلومات، خصوصاً في ما بات يُعرف بـ«ترند الذكاء الاصطناعي». هذا التطور يثير تساؤلاً مهماً: «هل نحن في عصر (ذكاء الصناعة) أم (صناعة الذكاء)»؟
يعود تاريخ الصناعة الحديثة إلى الثورة الصناعية التي حدثت في القرن الـ18، التي كان لها الفضل في تطور الكثير من مناحي الحياة، عندها بدأت الماكينة تحل محل الإنسان في كثير من الأعمال والمهام اليدوية. وهذه الثورة أحدثت تطوراً هائلاً في عجلة النمو والتقدم الاقتصادي، ومع مرور الزمن، شهدت البشرية اكتشافاً هائلاً أدى إلى تغيير كبير في حياة البشر حينما تم اكتشاف الكهرباء والآلات المبرمجة، وصولاً إلى عصر الحاسوب والثورة الرقمية المعاصرة التي نعيش أيامها الآن، والتي شكلت النواة للتقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، الذي بات يلعب دوراً محورياً وجوهرياً في تفاصيل حياتنا اليومية.
تعود جذور الذكاء الاصطناعي إلى الخمسينات تقريباً من القرن الماضي، حيث بدأ السعي وراء إمكانية بناء آلات ذكية قادرة على تنفيذ مهام تتطلب ذكاءً بشرياً. من وقتها، أخذت عجلة الذكاء الاصطناعي في التطور، حيث شهدت اختراع أنظمة قائمة على التعلم الآلي والتعلم العميق.
وإذا ما رجعنا إلى مفهوم «ذكاء الصناعة»، فإنه أحد نواتج الثورة الصناعية والرقمية من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين العمليات الصناعية وزيادة الإنتاج والكفاءة، حيث باتت بعض المصانع والشركات تعتمد كلياً أو جزئياً عليه في معظم عملياتها اليومية والإنتاجية.
في المقابل، يشير مفهوم «صناعة الذكاء» إلى تطوير أنظمة وخوارزميات ذكاء اصطناعي قابلة للتعلّم الذاتي والتفكير المنطقي بطرق تتفوق أحياناً على البشر. ويرجع أساس عمل هذا المفهوم إلى الكم الهائل من المدخلات، التي يتم تدريب تلك الخوارزميات والأنظمة من خلالها.
يكمن التحدي الحقيقي في محاولة إيجاد توازن فعلي بين «ذكاء الصناعة» و«صناعة الذكاء»، فكلا الاتجاهين يحملان فرصاً وتحديات كبيرة، ومن الواضح أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الصناعة قد يؤدي إلى تحسينات كبيرة في الجودة والكفاءة، لكنه يثير أيضاً مخاوف حول فقدان الوظائف البشرية، بينما تفتح «صناعة الذكاء» آفاقاً جديدة للابتكار، لكنها تثير تساؤلات ومخاوف محتملة حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والمخاطر المحيطة به.
• أستاذ مساعد، قسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، كلية الهندسة، جامعة أبوظبي