التنافسية الخلاقة

محمد سالم آل علي

نتفق جميعنا على أن الإبداع يمثل حجر الزاوية لتحقيق النجاح في مختلف المجالات، بدءاً من الأعمال والاستثمارات وصولاً إلى التكنولوجيا والعلوم، وأيضاً الآداب والفنون، إلا أن ما أريد مناقشته اليوم، هو دور التنافسية في تحفيز العقل وتوليد الأفكار الخلاقة. فهذا العامل، وإن غفل عنه البعض، يمثّل عنصراً مهماً في صياغة مشهد الإبداع، حتى إنني أقول إن تلك العلاقة المعقدة ما بين الاثنين، هي التي تدفع الأفراد والمؤسسات إلى عوالم وآفاق جديدة من التميز.

فما هو دور التنافسية في إطلاق شرارة الإبداع؟

من البديهي أن التنافس في أي مجال أو سياق يرتبط بالمقارنة مع ما يحققه الآخرون أو ما يسعون إليه، وهذا ما يخلق شعوراً بالإلحاح والرغبة في تحقيق التفوق، وهنا بالتحديد تبدأ التنافسية في ممارسة سحرها في تخطي العقبات وتحقيق النتائج، كونها تفرض على الجميع وضع معايير عالية أو حتى تجاوزها، ما يدفعهم إلى التفكير خارج الصندوق والإقبال على المخاطرة، وأقصد هنا المخاطرة المحسوبة، فعندما يظهر الخوف من الخسارة أمام المنافسين، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات، تظهر معه الرغبة في المغامرة في مناطق مجهولة، سعياً إلى اكتشاف أفكار جديدة وحلول رائدة وغير مسبوقة. هذا من جهة، أما من الجهة الأخرى، فتحفز التنافسية التطلعات ورغبات النمو، ما يجعلها فرصة للتعلم وتوسيع المعارف، وهي الأساسات التي يقوم عليها أي إبداع. فعلى سبيل المثال، تحث الروح التنافسية الأفراد على اكتساب المعارف وتغذية التفكير النقدي وحل المشكلات، وتعمل أيضاً على دفع الشركات والمؤسسات إلى تبني الابتكار بشكل مستمر، وحتمية الإبداع لابد أن يتخللها مزيد من الأبحاث والدراسات، في سبيل تقديم منتجات وخدمات متطورة تلبي جميع الاحتياجات، وهو ما أصبحنا نراه كل يوم تقريباً، من خلال اشتداد التنافس وازدهار الأبحاث العلمية، وما يليها من اختراعات وحلول تكنولوجية فائقة الذكاء.

أستدرك بالقول إن ما قصدته هو التنافسية الصحية التي تلعب دوراً حاسماً في الإلهام وتوليد الأفكار، وليس المنافسة الشرسة وغير الصحية التي تفرض عقلية الفوز بأي ثمن، والتي يتم فيها توظيف الابتكار في سياقات عدائية، مثل الخداع والاستغلال وإيقاع الضرر.

*مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
 

تويتر