المنديل.. رموز ومعانٍ في الثقافة العربية

د. كمال عبدالملك

المِنْديل: اسم ذات مفرد، الجذر: ن د ل، على وزن: فعْلِيل، مَنادِيلُ: نسيج من قطن أو حرير أو نحوهما، مربّع الشكل غالباً يمسح به العرق أو الماء. تضعه المرأة على رأسها أو تستر به وجهها، أو تعصب به رأسها عند تنظيف البيت، أو عند شعورها بصداع، وتضع فيه النقود، يقي الشخص من الحرّ ويتعمّم به، ويصلى عليه، وينفض به الغبار من الوجه والثياب، وطبعاً يلوّح به المسافر لمودّعيه عند الرحيل.

وفي الثقافة العربية، المنديل رمز المرأة الجميلة، كما نرى في الفيلم المصري «منديل الحلو»، إنتاج 1949، إخراج وتأليف عباس كامل، وتمثيل تحية كاريوكا وعبدالعزيز محمود.

منديل الحلو.. يا منديله

علا دقة قلبي.. باغني له

آه يا سيد المناديل.. محلاك يا جميل.

يمكن أن يُفهم المنديل كعبارة عن تمثيل متعدد الأبعاد يتجلى في الأدب والفن. في فيلم «منديل الحلو»، يظهر المنديل إلى جانب الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا، ويلعب دوراً حيوياً في إيمانها بنفسها واستقرارها النفسي خلال تجاربها الفنية. وهناك أيضاً أفلام كوميدية موضوعها المنديل ورموزه، مثل فيلم «دستة مناديل» (1954)، و«الفيل في المنديل» (2011).

ويبرز المنديل كرمز مميز يتجاوز حدود القطعة القماشية البسيطة ليصبح رمزاً للعديد من القيم والمفاهيم الاجتماعية والثقافية. يعكس هذا المقال أبعاد المنديل في المجتمع العربي، من خلال التركيز على استخداماته وتمثيلاته الرمزية.

وظهر المنديل مصاحباً شهرة أم كلثوم، فنراه قد تحوّل من قطعة قماش بسيطة إلى رمز يحمل معانٍ عميقة لثقة وثبات الفنانة. يرمز المنديل في أعمالها الفنية إلى التواصل مع الجمهور والاستقرار الداخلي الذي تمنحها إياه تلك القطعة الصغيرة من القماش. ولسنا نجد أحداً كرّم المنديل ووضعه في أعلى المراتب الغنائية مثلما فعلت أم كلثوم.

ويظهر جمال وروعة المناديل في أغنية فيروز الشهيرة: «يا مرسال المراسيل خدلي بدربك ها المنديل»، وأغنية عبدالعزيز محمود: «منديل الحلو يا منديله.. على دقة قلبي بغني له».

ويغني عبدالحليم حافظ: «ميِّل وحدف منديله.. كاتب على طرفه أجيله». أما مصطفى قمر فقد غنى «إرمي المنديل على قلبي وميل.. يا أبوقلب بخيل». وأصالة تمسح دموعها وتغني «ع اللي جرى»، والتي طلبت فيها من حبيبها مسح دموعها في منديله بسبب ما جرى لها.

والآن بعد انتشار مناديل «الكلينكس» الورقية، فقدت المناديل القطنية شعبيتها واختفت من حياتنا تقريباً.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
 

تويتر