مرحباً بتاريخنا الهجري

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

نستقبل بعد يومين تاريخنا الهجري المفضَّل الذي تعتز به الأمة الإسلامية الكثير عددُها، البعيد امتدادُها، الأصيل تراثها وتاريخها.

هذا التاريخ الذي كان له الأثر على الحياة الإنسانية كلها بما أنتجه من وجود أمة تؤمن بالله رباً، وتعيد للإنسانية فطرتها التي خلقها الله تعالى عليها.

هذا التاريخ الذي أسس لدولة تُعلي من شأن الإنسانية، وتظهر نور الله تعالى لعباده، وشرعه القويم المنزل على حبيبه وخاتم أنبيائه سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه المرسلين الذين بشروا به، وحثوا أممهم على اتباعه إن هم أدركوه.

هذا التاريخ الذي لم يقم على إراقة الدماء، ولا على الإكراه في الدين، بل قام على التضحية بالنفس والمال إيثاراً لمرضاة الله تعالى، وامتثالاً لأمره في نشر دينه بين عباده.

لقد كان هذا التاريخ تسجيلاً لحدث الهجرة المباركة لرسول الهدى عليه الصلاة والسلام من بلده المبارك العزيز على قلبه الذي نشأ وترعرع وتنبأ فيه - مكة أم القرى - إلى بلد اختاره الله له لنشر دينه الذي ارتضاه لعباده - طيبة الطيبة - التي طابت بمقدمه بعد أن كانت أرضاً وبيئة.

فعندما يتجدد علينا هذا التاريخ نتذكر مِنّة الله تعالى علينا أن جعلنا من أمة هذا النبي الكريم الذي بُعث رحمة للعالمين، بُعث للناس كافة بشيراً ونذيراً، بعث بالهدى والرشاد في الحياة والمعاد، بعث بالأخلاق والقيم الإنسانية التي يرتضيها رب البرية، فكان حضَّنا من الأنبياء، ونحن حضُّه من الأمم، فيجدد محبتنا له، وولاءنا له، ويبعث فينا وازع متابعته، والعمل بهديه وسنته، والتحلِّي بأخلاقه، ويجعلنا نعتزُّ به، لأنه أخرجنا من ظلمات الجهل الذي نراه اليوم كما رآه من قبلنا، إلى نور العلم الذي جاء به ودعا إليه، فيجعلنا نتمسك بهذا التاريخ في جميع شؤوننا الدنيوية كما هو في شؤوننا الدينية، ونفاخر به الأمم التي تعتز بتراثها وتاريخ أمجادها الذين لم يقدموا للبشرية قطرة من غيث ما قدمه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، فنحن أولى الناس بالاعتزاز بهذا التاريخ المجيد الذي يتجدد علينا كل عام مرة، وها هو العام السادس والأربعون بعد الأربعمائة والألف يحل علينا ولن تزال هذه الأمة تمخر في الآفاق، وتظهر دين الله مع ما تلاقيه من المشاق، فلا يثنيها ذلك عن الاعتزاز بدينها ودعوة الناس إليه، حباً فيهم لإخراجهم من عبادة الشيطان والنفس والهوى، إلى عبادة مستحق العبادة وحده سبحانه.

*كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر