بالصوت والصورة!
نتناول اليوم واقعة تتعلق بمسألة قانونية شائعة ومهمة، حدثت أثناء اجتماع بين طرفي شراكة، ناقشا خلاله أموراً تخص العمل.
وبعد انتهاء الاجتماع، أرسل أحد الطرفين تلخيصاً بموقفه من بعض الخلافات القانونية بناء على ما حدث في الاجتماع، لكن لاحظ الطرف الآخر أن الأول لم يلتزم بما ذكره سلفاً، فأخبره بذلك وذكّره بحديثه خلال الجلسة، وأبلغه بأن الاجتماع مسجل بالكاميرات «صورة وصوتاً»، الأمر الذي أثار غضب الأول، حيث حرر بلاغاً يتهم فيه الطرف الثاني بتصويره دون علمه.
وعندما انتقلت جهات التحقيق إلى المكتب الذي شهد الاجتماع، تبين أن هناك لافتات في أكثر من مكان، من بينها غرفة الاجتماعات، تفيد بأنها مراقبة بالكاميرات التي تسجل صوتاً وصورة، فتم تبرئة ساحته من التهمة.
وهذه الواقعة ربما تحسم خلافاً قانونياً حول مسألة تسجيل المكالمات، فهناك من يرى أنها ليست جريمة، بالقياس إلى الرسائل الصوتية عبر تطبيقات الدردشة، لكن أعتقد أن هذا القياس يفتقد إلى أمر مهم، هو أن مرسل الرسالة الصوتية يدرك تماماً أنها ستحفظ لدى المتلقي، وهذا يقودنا إلى القاعدة الأهم من وجهة نظري وهي «العلم بأن المكالمة مسجلة من عدمه».
ما حدث في الواقعة التي بني عليها المقال يتطابق مع حرص الدوائر الحكومية الخدمية ومؤسسات عدة على تنبيه المتصلين إلى أن المكالمات مسجلة لتحسين الجودة والخدمات، والحقيقة أنه بالإضافة لمسألة الجودة، فإن المؤسسات تدفع عن نفسها تهمة انتهاك الخصوصية أو استراق السمع، لأن توافر العلم يلغي الصفة الخاصة للحديث.
وبحسب المادة 34 في المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الجرائم الإلكترونية «يعاقب كل من استرق السمع أو اعترض أو سجل أو نقل أو أفشى محادثات أو اتصالات، بالحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر، والغرامة التي لا تقل عن مائة وخمسين ألف درهم، ولا تزيد عن خمسمائة ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين».
وخلاصة القول إن إبلاغ الطرف الآخر بتسجيل المكالمة أو مراقبة المكان كفيل بتحصين الجميع من أي تجاوز أو انتهاك للقانون.
محكم ومستشار قانوني