توقف دقيقة.. من شاشاتنا إلى قلوبنا: معاً في مواجهة التنمر الإلكتروني بحزم
ظاهرة التنمر الإلكتروني أصبحت من أكثر الظواهر انتشاراً في مجتمعاتنا، خصوصاً بين الأطفال والمراهقين. قد يكون من الأجدر تسميتها «التوحش الإلكتروني»، لأن تأثيرها يتجاوز مجرد الإيذاء ليصل إلى أضرار جسيمة. هذه الظاهرة تتسلل عبر شاشاتنا لتزرع الألم والخوف في نفوس الضحايا. ببساطة، التنمر الإلكتروني هو استخدام العالم الرقمي وتقنياته لإلحاق الأذى بالآخرين بشكل متعمد ومتكرر. يتضمن هذا السلوك العديد من الأشكال المزعجة، مثل تشويه السمعة، التحرش، انتحال الهوية، النبذ، القرصنة، المطاردة الإلكترونية، التصوير غير المصرح به، التجسس، والخداع.
تتعدد الأسباب التي تقف وراء بشاعة هذه الجريمة، فمنها ما هو معقد، ومنها ما يرتبط بالرغبة في إثبات الذات والسيطرة على الآخرين، أو الغيرة، أو الانتقام. كما يلجأ البعض إلى التنمر كنوع من التسلية وملء الفراغ، ولكن الأخطر هو أن العديد من المتنمرين قد لا يدركون أن ما يقومون به جريمة وحشية يعاقب عليها القانون. يبقى التنمر الإلكتروني سلوكاً دخيلاً وغير مقبول في مجتمعاتنا، لما له من عواقب صحية ونفسية واجتماعية وخيمة.
تشير الإحصاءات في المجتمعات العربية إلى أن ظاهرة التنمر الإلكتروني في ازدياد بين الأطفال والمراهقين، وتأخذ أشكالاً مختلفة. ومن الأمثلة المؤلمة على ذلك، ما حصل أخيراً في إحدى الدول العربية، حيث أقدمت طالبة على التخلص من حياتها بسبب التنمر المتوحش عليها، الناتج عن مرض جلدي كانت تعاني منه.
مثل هذه الحوادث يجب أن توقظنا جميعاً، وتنبهنا إلى مدى خطورة التنمر الإلكتروني، وآثاره النفسية العميقة.
المجتمعات التربوية والمؤسسات التعليمية خطت خطوات عدة في اتجاه التوعية بخطورة هذه الآفة، لكن الظاهرة لاتزال في نمو، وضحاياها في ازدياد، ما يتطلب تكاتف المجتمع بأكمله، بدءاً من المنزل والمدرسة وصولاً إلى المجتمع كله، عبر توعية الطلاب والمعلمين، وتضمين مبادئ الأخلاق الرقمية والسلوك الإيجابي على الإنترنت في المناهج الدراسية، وإنشاء قنوات آمنة ومنصات للإبلاغ والدعم، والتواصل الفعّال بين الأهل والمدرسة.
أستاذ مساعد، قسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، كلية الهندسة، جامعة أبوظبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.