المشترك ما بين الجائحة والتكنولوجيا

محمد سالم آل علي

لاشك في أن السنوات القليلة الماضية شهدت قفزات تكنولوجية استثنائية رافقتها جائحة عالمية غير مسبوقة طال تأثيرها الكبير والصغير. واللافت هو أن الظاهرتين اللتين غيّرتا حياتنا إلى حد كبير تتسمان بالتشابه وإنما إلى حد بعيد، ويتجلى ذلك من خلال التأثيرات وفرض الاستجابات، وأيضاً من خلال المسارات المفاجئة التي أثرت في قدرتنا على التكيف كأفراد ومجتمعات، ولعل أحد أكثر أوجه التشابه وضوحاً هو التسارع المخيف، ودعوني أبدأ هنا بوتيرة التطور التكنولوجي، فمن ظهور الإنترنت إلى الهواتف الذكية، وصولاً إلى هيمنة الذكاء الاصطناعي، وغيرها مما سيأتي، تجلب معها تحديات جمة في ما يخص الاعتبارات الأخلاقية وخصوصية البيانات والأمن السيبراني، وبالتالي تفرض علينا كبشر تدابير وإجراءات لاحتواء هذا القطار التكنولوجي المندفع، وبالمثل كان انتشار جائحة «كوفيد-19» سريعاً، ما دفع العلماء والحكومات إلى سباق مع الزمن لتطوير اللقاحات وتنفيذ تدابير السلامة والتكيف مع الظروف الجديدة، وفي كلتا الحالتين استلزم هذا التسارع وتيرة سريعة واستجابات رشيقة وحلولاً مبتكرة.

أي أنه وبعبارة أخرى تأتي القدرة على التكيف وإظهار المرونة بمثابة الخيط المشترك الذي يميز استجاباتنا في مواجهة التكنولوجيا والجوائح، حيث إنه ومع استمرار تطور التكنولوجيا، يجب علينا التكيف باستمرار وبسرعة فائقة مع الأدوات والمنصات والأساليب الجديدة، وهو ما يشبه ما قام به الوباء حين أجبر المجتمعات في جميع أنحاء العالم على التكيف بين عشية وضحاها، وأصبحت مفاهيم كالعمل عن بعد والتعليم عبر الإنترنت والطب عن بعد والتواصل الرقمي هي القاعدة وليست الاستثناء في يومنا هذا.

ولعل الجميل في الأمر هو ظهور الابتكار كسمة مميزة لكل الاستجابات، فمن جهة أدى السعي الدؤوب لمواجهة الآثار السلبية للتكنولوجيا إلى تحقيق اختراقات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والطاقة المتجددة، بينما حفزت جائحة «كوفيد-19» موجة من البحوث العلمية أدت إلى تطوير لقاحات جديدة تماماً، وتطوير الاختبارات التشخيصية، وتوظيف تحليلات البيانات لمراقبة انتشار الأوبئة.

وأخيراً لا يسعني إلا أن أوجه شكري للاثنتين، التكنولوجيا والجائحة، فهما المسؤولتان الرئيستان عن تحقيق الترابط في عالمنا من خلال تعزيز روح المرونة والإبداع والتعاون بين المجتمعات، والتأكيد على أن التحديات العالمية تتطلب حلولاً عالمية، أكان ذلك مكافحة وباء ما، أو معالجة تهديدات رقمية اليوم تنذر بويلات وملمّات غداً.

*مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر