مشاريع صيفية

الدكتور هشام الزهراني

هاكم قد أقبل فصل الصيف بلونه الأصفر الطاغي، وببريقه المتوهج، يحذّر الناس من حرارته في النهار، ورطوبته في الليل، ولا يتبادر إلى الذهن إلا البحث عن أسباب لتجنبه، سواء بلزوم موطن واحد بارد أو بالسفر إلى الخارج، بحثاً عن أجواء منعشة.

ولكن هذا الفصل يحمل في جانبه الآخر وبين طياته فرصاً عظيمة، تمنح الإنسان درجات عالية وأجوراً كبيرة، سببها حرارة الجو.

فالإنسان حينما يخرج في هذا القيظ والشمس تلفحه بحرارتها، ليدرك صلاة جماعة، فإن تحمله للعنت والتعب يزيده أجراً، فليستشعر المؤمن ذلك في نفسه.

وآخر يكابد الصيام من أجل أن يعظم له الأجر، فقد كان بعض السلف يجاهد نفسه في ظمأ الهواجر، وهي الأجواء الحارة، رغبة في مضاعفة الحسنات كما نُقل عن أبي الدرداء ومعاذ.

والصيف فرصة لجملة مشاريع تكثر حاجة الناس إليها في هذا الأيام، وهي مشاريع المياه، وفي الوقت نفسه، فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، جعلها من أفضل أنواع الصدقات، فقال: «ليس صدقة أعظم أجراً من ماء»، فكيف الأمر إن صادفت هذه الصدقة حاجة الناس الضرورية لها.

ومن كبير فضلها، أن إنساناً نزل إلى بئر ليشرب منها، ثم رأى كلباً يأكل الثرى من العطش، فنزل البئر مرة أخرى وأخرج من مائها، فسقى الكلب اللاهث، فشكر الله له، وغُفِر له، وإذا كان هذا مع الدواب، فلاشك أنه أعظم مع بني آدم.

لذا نهيب بالمحسنين أن يسارعوا إلى مشاريع المياه، كتوفير عبوات المياه أو العصائر الباردة، ولعلك أن تضع خطوطاً تحت كلمة (باردة)، لأن الماء الحار لا يطفئ ظمأ، ولا ينعش بدناً، فقدم عملك الجميل بإحسان وإتقان.

ولا تنسَ كذلك أن توفر المياه المناسبة للدواب والطيور بعيداً عن أشعة الشمس الملتهبة المباشرة حتى تكون المياه سائغة في الأفواه، وعذبة في البطون، واعلم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: «والشاة إن رحمتها رحمك الله»، وقال: «في كل ذات كبد رطبة أجراً»، فالرحمة واسعة وفرص تحصيلها في فصل الصيف كبيرة، فكم رأينا من صور ومقاطع لطيور وحيوانات تموت عطشاً، لعجزها عن الإفصاح عمّا في نفسها من حاجة إلا بأفعال وسلوكيات قد يتفطن إليها الإنسان، وقد تمر مروراً عابراً.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر