الاستباقية الحكومية

محمد سالم آل علي

كعادتها دوماً تأتينا دبي بأفضل الحلول وأنجح المبادرات، ولعل مشروع «تصريف» الذي أقرّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يأتي شهادة بارزة على هذه الروح الاستباقية الاستثنائية للقيادة الرشيدة، وعلى الدور الحاسم الذي تلعبه الحكومات في دفع عجلة النمو والتنمية المستدامة، لاسيما أن هذا المشروع الضخم الذي تبلغ كلفته 30 مليار درهم يهدف إلى إحداث ثورة شاملة في شبكة تصريف مياه الأمطار في الإمارة، وتعزيز قدرتها بنسبة تصل إلى 700%.

ولاشك في أن المشروع بحد ذاته ليس مجرد تطوير روتيني أو توسعة عادية للبنية التحتية، بل هو استجابة حقيقية للتحديات المتزايدة التي يفرضها تغير المناخ. ففي حين تكافح المدن في جميع أنحاء العالم لمواجهة أنماط الطقس غير المتوقعة والتغيرات الهائلة في معدلات هطول الأمطار، تتخذ حكومة دبي الرشيدة، إجراءات حاسمة لحماية المدينة وأهلها في الحاضر والمستقبل.

فهذا المشروع الرائد الذي يتمتع بطاقة استيعابية تصل إلى أكثر من 20 مليون متر مكعب من المياه يومياً، بمعدل تدفق يبلغ 230 متراً مكعباً في الثانية، يضع مدينة دبي في حالة من الاستعداد والتأهب الدائم لأي طارئ يتعلق بالمناخ مهما قسا أو عظُمت تأثيراته.

ولعل ما يميز المشروع هو بُعده الاستراتيجي، حيث إن إنجازه التدريجي على مراحل عدة تنتهي بحلول عام 2033، يسمح بإدخال التحسينات والتطويرات المستمرة، ما يضمن مواكبة البنى التحتية لأحدث الابتكارات العالمية، ويضع دبي أيضاً في مكانة رائدة في تكنولوجيا التخطيط العمراني لمواجهة التحديات المقبلة، وطبعاً إلى جانب ضمان وتعزيز مسيرة الاستدامة. لا أعتقد أن المساحة تسمح هنا بالخوض في الفوائد الاقتصادية والبيئية الجمّة للمشروع.

فإلى جانب حماية الاستثمارات والممتلكات، سيعمل المشروع - من الناحية البيئية - على تحسين إدارة المياه ويقلل خطر التلوث، الأمر الذي يتماشى مع أهداف الاستدامة العالمية، ويضع دبي مدينة نموذجية تقدم دروس الاستدامة لكل شعوب الأرض، لذلك دعوني أختم بالقول إن مشروع «تصريف» ما هو إلا ترجمة للرؤية الاستراتيجية للحكومة الرشيدة تُظهر نظرتها الثاقبة في فهم التحولات والمتغيرات، ونهجها الاستشرافي الرائد في توقع تحديات المستقبل ومعالجتها بحلول جريئة غير مسبوقة.

وإذا كانت شمس دبي تسطع اليوم لتُضيء أرجاء المعمورة بكل مبتكر وخلاق، فإنها غداً ستشرق بنورها على كامل أرجاء المستقبل، وسترشد سائر الأمم في هذا الدرب الغامض المليء بالمفاجآت.

مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
 

تويتر