ذكرى وثيقة الاتحاد
وثيقةُ الاتحاد التي أسست لقيام الدولة - حماها الله وأعز شأنها - جديرةٌ بأن يكون توقيعها يوماً مشهوداً، يذكِّر بما يجب لله تعالى من الشكر على نعمة الوحدة والألفة والقوة والبناء الحضاري لهذه الدولة التي عزّ نظيرها في العالم، وكل ذلك ثمرة من ثمرات تلك الوثيقة المباركة التي أرست قواعد الاتحاد ودستوره المبارك، فجعلُ هذا اليوم يوماً وطنياً يجعل الإمارات تذكره بالفخر والاعتزاز، والذكر الجميل لأولئك الآباء المؤسسين، رحمهم الله، الذين عملوا بالوحدة الجماعية التي أمر الله تعالى بها عباده المؤمنين، حيث قال جلّ شأنه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا}، فقد اعتصموا بذلكم الحبل المتين، فأجمعوا أمرهم وشركاءهم لذلكم الإعلان الموفق الذي تم بالتوقيع على تلكم الوثيقة المباركة والدستور القيم.
نعم لقد أصبحت الإمارات السبع أمةً واحدة متآخية متشابكة كتشابك الماء في العود الأخضر، فهي تذكر نعمة الاتحاد بالفخر والاعتزاز، وتعد ذلك من التحدث بنعمة الله تعالى، الذي أمرنا به سبحانه وتعالى بقوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}، أي أظهر هذه النعمة ولا تُخفها لتزداد شكراً على المنعم جلّ في علاه، فيزيدك المنعم عطاءً ورخاءً، وقد سمى الله تعالى الألفة نعمة، فكأننا بهذه الذكرى المباركة معنيون بمثل هذه الإشارات القرآنية، وبمثل قوله تعالى {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ – أي بنعم الله تعالى - إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}، وهي شاملة لكل الأيام التي حدثت فيها أمور عظيمة تكون محل اعتبار في الخير أو الشر، أمّا الخير فيُحتذى، وأما الشر فيُجتنب.
وها هي القيادة الرشيدة ممثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وبارك فيه - قد جعل هذه الذكرى محل اعتبار في دولته وشعبه ليُذكِّر فيها بفضل المؤسسين على الخالفين من أبناء شعبهم وغيرهم الذين يتفيؤون ظلال هذا الاتحاد الوارف، وعطائه الباذخ، وأمنه السابغ، وما كان ليكون شيء من ذلك بعد فضل الله تعالى لولا هذا الاتحاد الذي أنعم الله تعالى به على هذا الشعب المبارك الكريم، فكان يومُ توقيع وثيقة الاتحاد جديراً بأن يكون يوماً مشهوداً يذكِّر مَن عاصره باغتباط، ومن لم يعاصره بشدة الارتباط بالقيادة والنظام، والحفاظ على مكتسبات الأمة، والسعي لكل رُقي يليق بهذه الأمة الإماراتية المباركة. ولله المنة والفضل.
*كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه