صناعة الشباب
شباب الأمة هم أملها للمستقبل وعمادها للحاضر، وصناع مجدها للمستقبل، لأنهم هم الفاعلون حقيقة لكل ذلك إن أحسنّا تعليمهم وتوجيههم الوجهة السليمة للغاية المنشودة، وإلا كانوا وبالاً على الأمة وسبباً لتعاستها، وهذا أمر لا يكاد يختلف الناس فيه.
إن بوصلة صناعة الشباب تقع في يد التعليم أولاً، والأسرة ثانياً، والمجتمع ثالثاً، فالكل يشترك في توجيههم لتحقيق الغرض من هذه الصناعة الراقية المفيدة.
إن الشباب أمانة من أعظم الأمانات التي سيسأل عنها هؤلاء الثلاثة الرعاة، ولن يفلت أحد منهم إلا بأداء أمانته على النحو المطلوب، لتحقيق الغاية من هذه الصناعة العظيمة، وأول من سيسائل عنها في الدنيا هم الشباب أنفسهم إن وجدوا أنفسهم ضائعين في متاهات الجهالة والفقر والفساد، فسيقولون: ما أوصلنا إلى هذا كله إلا أننا لم نُعلّم، أو لم نُربّ، أو لم نراقب من الضياع من قِبل المجتمع، وهنا سيصب هذا الشاب جام غضبه على كل أولئك فيقول: عليّ وعلى غيري، أو كما قال القائل:
اقتلوني ومالكاً واقتلوا مالكاً معي
وسيكر على وطنه ومجتمعه ويقول: ضيعك الله كما ضيعتني.
هذا هو حال الأمة التي ضيعت شبابها، وهو أمر مشهود في كثير من الشعوب والدول التي تعيش عيشة ضنكاً في كل أحوالها، وليس أقلها الفقر، بل التناحر وفقد الأمن.
أما الأمة التي عُنيت بشبابها فإنها التي استشعرت واجب الأمانة في شبابها، فلم تبخل على صناعتهم بمال ولا توجيه ولا رعاية، بل جعلت مواردها مسخرة لهذه الصناعة التي تبني الحاضر، وتصنع الحضارة، وتنشد المستقبل، فرأت من شبابها ما يسر الخاطر في القوة الفكرية، والمشاركة الفاعلة في البناء والابتكار المفيد، والإبداع السديد، كما هو حال دولة الإمارات التي أصبح شبابها يضاهون أرقى الأمم تقدماً وصناعة وابتكاراً، مع قلة عددهم، وقرب نشأتهم، كل ذلك لأن القيادة الرشيدة عرفت توجيه بوصلة صناعة الشباب المتمثّلة أولاً في التعليم، وثانياً في حسن التربية الأسرية، وثالثاً في تماسك المجتمع، وهذا ما تفاخر به الأمم، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله: «أؤكد أن تمكين الشباب والاستثمار فيه وتأهيله بمهارات المستقبل وعلومه، ركن أساسي ضمن رؤية الإمارات التنموية الشاملة، وأن الشباب هم القوة والطاقة والطموح والثروة الحقيقية، كما أنهم ركيزة التنمية وقادة الغد في مجتمعاتهم، وعليهم اكتساب كل ما يمكنهم من الإسهام الفاعل في تقدّم بلادهم وصنع المستقبل المزدهر لها».
وبهذا الاهتمام الكبير تكون صناعة الشباب فائقة رائقة.
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.