العمل الإنساني في الإسلام
الإسلام كل نهجه إنساني في كل ما يعنيه مصطلح الإنسانية، لأنه شريعة رب الإنسان، ولأنه رحمة للإنسان وغير الإنسان، لذلك كانت تشريعاته خادمة للإنسان بما يصلحه في الحال والمآل، لتكريم الله تعالى له، كما قال ربنا جل ذكره: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}. فلما كان كريماً على الله تعالى، سخَّر له الكون ليعيش فيه أحسن عيش إن هو اتبع فيه هدي ربه سبحانه.
ومن تكريمه للإنسان أن جعل الإنسانية كلها كجسد واحد تتواسى في السراء والضراء، وجعل حق الإنسان على أخيه كحقه على نفسه، فأوجب له من الحقوق على أخيه مثل ما أوجبه له على أخيه، ومن ذلك أن لا يترك لمجاعة ولا يستباح بظلم، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمى». فكما أن الجسد يتفاعل مع بعضه سعادة وشقاء، فكذلك بنو الإنسان عليهم أن يكونوا كالجسد الواحد، فيلتمس لمريضهم الدواء، ولجائعهم الغذاء، ولعاريهم الكساء، ولخائفهم الأمن، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». ومعنى ذلك أن الله سيسائله عن حقوق أخيه كما سيسائله عن الإيمان به، لأن من مقتضيات الإيمان الإحسان إلى بني الإنسان، كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «ما هو بمؤمن من بات شبعان، وجاره طاوٍ إلى جانبه».
فتبين من ذلك أن الإحسان إلى بني الإنسان هو من مقتضيات الإيمان بالله تعالى، فمن لم يحسن إلى أخيه الإنسان وهو يعلم حاجته، فعليه أن يبحث عن حقيقة إيمانه.
إن الاهتمام بالعمل الإنساني فيما سمي بيوم العمل الإنساني هو تثقيف للغافلين عن هذا العمل حتى لا يفرطوا في حقوق إخوانهم، وهذا ما تنهجه دولة الإمارات منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الذي تمثل هذه المعاني الإنسانية فوسعت إنسانيته كل من استطاع الوصول إليه، ولاتزال القيادة الرشيدة تولي هذا العمل جُلَّ اهتمامها حتى جعلته برنامجاً حكومياً لا تحيد عنه.
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه