ضحية بإرادته

عرض سيارته للبيع على أحد مواقع التجارة الإلكترونية، وحدد لها سعراً أكثر من قيمتها الحقيقية حتى يتيح مجالاً للتفاوض.

تواصل معه أحدهم وأبلغه برغبته في شرائها بالسعر المطلوب، وأخبره بأنه يريدها لشخصية مرموقة، فتحمّس صاحبنا، وتوجها سوياً لمركز تسجيل المركبات بعد أن أودع المشتري المزعوم شيكاً بقيمة السيارة الفارهة في حسابه.

المفارقة الغريبة أن الموظف المختص بالتسجيل سأله بعبارات واضحة: هل تقاضيت ثمن السيارة قبل إتمام الإجراءات؟ فرد عليه بأنه حصل على شيك بقيمتها، فعاود الموظف التأكيد عليه بعدم الاستعجال بالتسجيل قبل أن يصرف المبلغ.

وفي هذه اللحظة ارتكب تصرفاً غريباً، إذ انفرد بالمشتري وسأله بنوع من الاستجداء: هل أنت صادق معي؟ ثم طلب منه القسم على ذلك.

لا داعي لإكمال القصة، فنهايتها معروفة لمعظمكم، وهي أنه تعرّض للاحتيال بسبب طمعه في مبلغ يدرك أنه أكبر من قيمة السيارة، ولم يستمع إلى صوت العقل أو تحذيرات الموظف.

ليست الحالة الأولى من نوعها، فقد تعرض شخص آخر للاحتيال بالأسلوب ذاته، ونقل ملكية سيارته التي يتجاوز ثمنها 700 ألف درهم مقابل شيك محرر على حساب مغلق.

وبالمناسبة، يتلقى معظم هؤلاء المشترين تحذيرات واضحة من الموظفين المختصين بعدم نقل الملكية دون استلام قيمة السيارة نقداً أو التأكد من تحويلها.

لاشك أن هذا الأسلوب الإجرامي تراجع إلى حد كبير لأسباب، منها سد الثغرة القانونية التي كان يتسلل منها المحتالون، إذ كانوا يعتمدون على أن الدعاوى كانت تسجل في بداية انتشار هذه الجرائم كقضايا شيكات، ومن ثم يمكنهم المماطلة، ومد الأجل بالطعن في صحة التوقيع، وغيرها من الحيل التي كانوا على دراية جيدة بها، لكن تغير الوضع الآن وأصبحت التهمة التي توجه غالباً هي الاستيلاء على مال منقول بطريقة احتيالية، وصدرت أحكام جزائية عدة بالحبس والغرامة، ما أتاح للضحايا اللجوء إلى القضاء المدني والحصول على تعويضات مناسبة.

وفي ظل الحماية القانونية، والدور الكبير الذي تقوم به الأجهزة الأمنية، لا يتبقى علينا سوى الالتزام بإجراء وقائي بالغ البساطة، هو تقاضي ثمن ما نعرضه للبيع قبل أن ننقل ملكيته بإرادتنا الحرة إلى الآخرين.

محكم ومستشار قانوني

الأكثر مشاركة