آلة الزمن

شيماء أحمد

احتار العلماء في إمكانية وجود آلة تمكّننا من السفر عبر الزمن، فهناك من قال إنه يمكن فيزيائياً، وإن كنّا أبعد ما يكون حالياً عن تحقيق ذلك، وهناك من قال إنه غير ممكن، وإن كان ممكناً بالفعل فأين السياح من المستقبل.

هذا ليس مقالاً فيزيائياً، ولن أتحدّث بسذاجة عن آلة الزمن التي تشغل تفكيري أحياناً، بل سأقترح طريقة جديدة للسفر عبر الزمن بصورة حديثة وسهلة التطبيق نوعاً ما. ماذا لو اجتهدنا جميعاً في التوثيق وتأليف الكتب. ماذا لو وثّقنا أسلوب حياتنا بالتدوين الورقي والصوتي والمرئي. لا أقصد التأريخ بالصورة التقليدية، بل أقصد تأليف الكتب في كل الموضوعات، والرسم والتدوين وصناعة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي. كل هذا موجود، لكنني أتحدث عن الكمّ. ربما لم تتمتع الحضارات القديمة بتقنية المعلومات لينتهي المطاف بترك بعض الآثار وتندثر بعض علومها، لكن بإمكاننا تفادي كل ذلك وصنع آلة زمن خرافية من الآن فصاعداً.

المشكلة هي أن هناك مدونين مبدعين لكن التحفيز المطلوب قد يغيب أحياناً. فكم من كاتب ببراعة تولستوي تقاعس عن الكتابة، لأن الحظ لم يحالفه في الانتشار. فمن يجيد الكتابة قد لا يجيد التسويق لنفسه. كيف نحل مشكلة انعدام الشغف لدى المبدعين؟ هنا أناشد الجهات المختصة بتشجيع المدونين والموثّقين، وتقديم التدريب والدعم المعنوي أو المادي ربما عن طريق مسابقات أو مكافآت. فمثلاً، اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ينشر المؤلفات المتميزة، ويكافئ الكاتب بمبلغ رمزي، على عكس دور النشر التجارية التي تنشر بمقابل يقدّمه الكاتب. ماذا لو طبّقنا هذا النموذج للرسامين وصناع المحتوى وسائر المبدعين، بحيث نستوعب كمّاً أكبر منهم، ونُكوّن مكتبات تثقيفية إبداعية ورقية ورقمية هائلة.

يجتهد العلماء الآن ويكرّس بعضهم حياته ليعرف كيف كان الفراعنة يأكلون، وكيف يبنون بيوتهم، وماذا يصنعون. وسيكون من المثير أن ندوّن ثقافتنا بكل تفاصيلها ليأتي شخص من سنة 3051 ويرى كيف كانت الحياة في دبا الفجيرة سنة 2024، وكيف كانت الحواسيب الآلية في دوائرنا الحكومية، وكيف كنا نبني ناطحات السحاب، أو كيف وصلنا إلى الفضاء بتقنياتنا الحالية. إنْ طبّقنا كل هذا الآن، لن يحلم العلماء باختراع آلة الزمن مستقبلاً، فنحن سنكون قدّمنا لأحفادنا جميع الأجوبة على طبق من ذهب.

Shaima_AhmedK@

تويتر